للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العبودية تعريفها وحقيقتها]

أيها الإخوة في الله: إذا كان الأمر كذلك فما هي العبودية؟ وما هي حقيقتها؟

إنها اسمٌ جامع لمراتب الأعمال والأقوال من القلب واللسان والجوارح من كل ما يحبه الله ويرضاه.

العبودية: الطاعة لله مع الخضوع له، فيفعل المكلف خلاف هوى نفسه طاعة لله وتعظيماً له.

العبادة الحقة: حركاتٌ في الظاهر، واعتقادٌ في الباطن، وطمأنينة في النفس، وتواطؤٌ وتوافق بين عبودية القلب وعبودية الجوارح.

لا بد في العبادة من الجمع بين المحبة والخضوع، فيحب العبد ربه أحب من كل شيء، ويعظمه أعظم من كل شيء، فالمحبة الخالصة والخضوع التام لا يكونان إلا لله رب العالمين لا شريك له.

إن مبنى العبودية على التسليم والانقياد والاستجابة في فعل المأمورات وترك المنهيات: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:٣٦].

أيها الإخوة في الله: أما أصول العبادة وأسسها: الاعتقاد بالصحيح فيما أخبر الله سبحانه عن نفسه وأسمائه وصفاته، وأفعاله وملائكته وكل ما غاب عنا؛ مما جاء على ألسنة الرسل وتنزلت به الكتب، وإفراد الله بالعبادة، وتنزيهه عن الشركاء والأنداد مع ما يتطلبه القلب ويستيقنه من التوكل على الله، والإنابة إليه، والخوف منه، والرجاء فيما عنده، وإخلاص الدين له ثم أعمال الجوارح من أنواع العبادات؛ من الصلاة والزكاة والصيام والحج وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وأداء الأمانات، والوفاء بالعهود، وبذل وجوه الإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل، وكل محتاجٍ من بني آدم حتى البهائم: {ففي كل كبدة رطبة أجر}، وأعمال اللسان من تلاوة القرآن العزيز، والذكر، وقول الحق، وحسن الحديث، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والعلم والتعليم، واجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والكف عن المحرمات، والبعد عن الكبر والرياء، والعجب والحسد والنفاق، والغيبة والنميمة، وكل ما نهى الله عنه.

إن العبودية على الحقيقة والتحقيق: هي الدين كله، ولما سأل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان، قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: {هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم}.