للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الوقوع في أعراض المسلمين والعلماء والدعاة]

السؤال

هل من كلمة عن الغيبة، خاصةً فيمن يغتاب أهل العلم والدعاة؟ وما هو الأسلوب الأمثل في بيان خطأ العالم والداعية إن وجد؟

الجواب

لا شك أنها من البلاء، وأكثر ما يبتلى به المسلمون عموماً الغيبة، وعلى الخصوص العلماء، فإن الحسد بين العلماء شديد، نسأل الله السلامة، وإن كانت من أدواء المجتمعات المعروفة، ولهذا جاء النص عليها في كتاب الله أنها من كبائر الذنوب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:١٢] تصوير شنيع، تصور أن أخاك ميتٌ، وأنت تأكل من لحمه، نفس الجنازة الإنسان يتوجس منها توجساً، حتى إذا وجدت في البيت مل الناس منها وأخذوها، فتصور إنساناً ميتاً وتأكل من لحمه! إنه تصوير بشع! والغيبة أشد من ذلك.

هذا إذا كان في عرض أخيك، فكيف إذا كانوا علماء ومن الدعاة؟! إنه أشد وأشد -نسأل الله السلامة- والأشد من ذلك أنك تتهمه في علمه، أو تتهمه في دينه، أو تتهمه في عقيدته، أو تتهمه في نيته، أو تتهمه في صلاحه، أو تتهمه في حسن قصده يا أخي! لست مفتشاً، ولست مأموراً بالتفتيش عن الناس.

ألم تسمع قوله صلى الله عليه وسلم: {طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس} أنت تعلم، وأنا أعلم أننا كلنا لنا عيوب، والله ما يخلو أحدنا من عيب، بل من عيوب، بالله هل اشتغلنا بالنظر في عيوبنا؟ وهذا غير أخطاء العلماء، فإن أخطاء العلماء لا نسكت عنها، لكن نقدمها في قالب صحيح، إن الرد والنقد طيب، لكن إيانا أن نمس الشخصيات، أو نجرح في الأشخاص، أما الخطأ فلا يقر، والأشياء الخاطئة لابد أن تبين، خاصة إذا كان فيها إضلال للعامة، أو تخالف العقائد، لكن قضية أن تقع في العالم، وأن تحس بنوع من التشفي فهذا لا يجوز.

فعليك أن تراجع نفسك قد يكون- نسأل الله السلامة- من البلاء أن تبتلى بأن تقع في أعراض الناس، هذا مما يبتلى به الإنسان، بينما لو كان الإنسان عنده من نفسه رقيب لاشتغل بعيبه، والله إن عندنا من العيوب، ومن الأخطاء الشيء الكثير، لكن الله سبحانه وتعالى يسترنا، من فضله أن يستر علينا، فلماذا نفضح أنفسنا؟ فعلينا أن نفتش عن أنفسنا، وأن نشتغل في دفع عيوبنا، وأن نتوجه إلى ربنا، أما الأخطاء فلها أساليب، لكن الوقوع في الأعراض، والوقوع في التفتيش عن المعايب، واتهام النوايا، واتهام المقاصد، واتهام الانتماءات، لسنا في حاجة إلى هذا، أما الخطأ فهو خطأ، والغلط غلط، ولا بد من أن نصححه.