للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأسباب الحسية والحكم البالغة]

عباد الله: إن الأسباب الحسية وظواهر العلل يدركها البشر بما أعطاهم الله من عقولٍ وعلوم وتجارب ومعارك؛ لكنهم لا يدركون ما أودع الله فيها من الآيات الباهرة والحكم البالغة إذا غلبت عليهم الغفلة وحقت عليهم الضلالة.

حينما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأهِلَّة جاء الجواب متوجهاً لبيان الفوائد الشرعية العملية: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:١٨٩] أما تحولات القمر الهلالية والبدرية فشأنٌ فلكي ومدْرَكٌ بالحس والنظر لا يترتب عليه في ذاته نفعٌ بشري، فتوجه الجواب إلى ما ينبغي الاهتمام به من آثار هذه التغيرات وفوائد هذه التحولات؛ من معرفة السنين والحساب، وحساب المواعيد والأوقات مما ينفع في العاجل والآجل.

لقد منح الله الإنسان القدرات على إدراك ما وراء الحواس ليترقى في مدارك للكمال الإيماني والعقلي والعملي، وهذا الترقي يمثل أرفع جوانب الإنسانية في الإنسان وأخصها وأعلاها تميزاً في ميادين الاعتقادات والقيم.

أما الذين يريدون أن يحصروا الإنسان في محيط الماديات البحتة، والمُحَسَّات المجردة؛ فقد حطُّوا من قيمة الإنسان في عقله وقلبه، وردوه إلى رجعية في التفكير، وأسفلية في النظر.