للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إثارة بعض المشكلات وسوء تصويرها]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، بعثه ربه بين يدي الساعة بالحق بشيراً ونذيراً: وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته، واهتدى بهديه، وسار على نهجه وطريقته إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الإخوة في الله: أحييكم بتحية الإسلام؛ تحية طيبة مباركة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

والشكر لله عز وجل على ما منَّ به ويَمُنُّ من نعم عظيمة، وآلاء جسيمة، أعظمها وأفضلها وأكبرها وأجلها نعمة الإسلام؛ فأكرم بها وأعظم من نعمة! ثم ما ييسره سبحانه بمنه وفضله من لقاءات واجتماعات بمثل هذه الوجوه الطيبة في مناسبات كريمة، ومن خيرها ما يعقد في بيوت الله عز وجل من اجتماع لذكر الله عز وجل، والتذاكر فيما ينفع المسلمين، وفيما يفيد المجتمع بإذن الله.

ثم الشكر لكل من أمر بمعروف، أو نهى عن منكر، أو أقام في الأمة خيراً أو دعا إلى هدى؛ ومن هؤلاء مكتب الدعوة في جدة جزاه الله خيراً، فإن له نشاطه الملحوظ، وله عمله المشكور؛ فهو يجمع الإخوة بمحبيهم؛ ليتذاكروا فيما ينفعهم، وفيما يحفظ عليهم أوقاتهم ويذكرهم بأمور دينهم ودنياهم.

كما يزجى شكر خاص لأخينا: فضيلة إمام هذا المسجد الشيخ عدنان شاكر، فقد أحرجني كثيراً، لا لأن الموقف محرج، ولكن لأنني كنت أرده كثيراً وإن كان لحوحاً، والإلحاح في مثل هذه المواقف محمدة ومطلوب، وأرجو أنني لم أكن لئيماً، فقد كنت أعتذر كثيراً، ويعلم الله أن اعتذاري لكثرة المشاغل لا رغبة عنكم، ولا عزوفاً عن مثل هذه اللقاءات الطيبة، ولكنها ظروف ومشاغل قد تكون في مكة شرفها الله، وقد تكون خارج مكة، ولكن الله سبحانه وتعالى قد أذن بهذا اللقاء؛ فالشكر له سبحانه، ثم لكل من كان سبباً في مثل هذا التجمع الطيب المبارك.

أيضاً العنوان اختاره الشيخ عدنان، ورغب أن يكون تحت العنوان الذي سمعتم: مشكلات وحلول، وأشار أيضاً إلى بعض المشكلات التي يستحسن أن يكون الحديث عنها كبعض مشكلات الزواج، سواء فيما يتعلق بالزواج ابتداءً أو انتهاءً، وما بين ذلك من أمور الأبناء وتربيتهم، ونحو هذه المشكلات، ولعلي أعرض إلى شيء منها بطريقة أرجو أن تكون واضحةً ومفيدة إن شاء الله، وإن كنتم قد سمعتم في هذا كثيراً، ولكنها أمور ينبغي أن نتذاكر بها، وأن نذكر أنفسنا، وبخاصة أننا أحياناً -مع الأسف- نلاحظ في بعض المعالجات -وبخاصة المعالجات عن طريق بعض وسائل الإعلام- أنها معالجات غير حكيمة، وتصوير لبعض المشكلات تصويراً خاطئاً، أو تكبير للشيء أكبر من حجمه، أو تهوين للشيء بينما حجمه أكبر من ذلك.

فمن هذه المشكلات الاجتماعية على سبيل المثال: غلاء المهور العنوسة الطلاق تعدد الزوجات، وهذه كثيراً ما تجعلها بعض وسائل الإعلام سبيلاً لبعض المغرضين والمناوئين؛ ليبثوا بعض ما يريدون من سوء، من خلال تصوير هذه المشكلات وإثارتها.

على سبيل المثال -وإن كنت قد لا أتعرض له هنا، لكن حتى أريكم كيف يكون الخطأ في الطرح لبعض المشكلات-: تعدد الزوجات يتكلمون عنه وكأنه قضية تقبل النقاش، بل أحياناً قد نرى من السماجة والسذاجة أنهم يقيمون استفتاءً يسألون الشاب فيه: ما رأيك في التعدد؟

ويسألون بنتاً أو فتاة: ما رأيك في التعدد؟

والتعدد مشروع، ولا يجوز أن يطرح هذا السؤال في مجتمع مسلم؛ لأن القضية ليست قضية أن التعدد جائز أو غير جائز، فهذا لا يطرح بهذا الشكل ولا يجوز أصلاً، ومن اعتقد أنه لا يجوز للرجل أن يجمع بين اثنتين -أحياناً- أخشى أن يكون كافراً، إنما القضية هل الرجل هذا مستعد؟ وهل توفرت فيه العدالة؟

أما أن يطرح السؤال بهذه الطريقة فهذا خطأ! والله عز وجل يقول: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:٣] فالقضية محسومة في أصل التعدد، إنما القضية هل الإنسان بذاته قادر أم غير قادر؟ هل هو يستطيع؟ وهذه قضية فردية.

فالقضية لا يجوز أن تطرح بهذا الشكل.

فقد نحسن الظن في كثير من أصحاب هذا الطرح لكنهم يغفلون لأنهم لا يفقهون، وقد يكون فيهم السيئ أحياناً.

وأيضاً هناك مشكلات سوف نعرض لبعضها لنرى كيف ينبغي أن تطرح وتعالج.

وأنا أثرت بعض أسئلة، وأحببت أن يكون طرحي إليكم عن طريق تساؤل ثم إجابات.

فمثلاً: بعض الأسئلة التي تلمست أنها توجد إما عن طريق الصحافة، أو حتى أحياناً عن طريق بعض المجالس، أو من بعض الإخوة حينما يعالجون بعض المشكلات، مثلاً هذا

السؤال

ما مدى تأثير الجوانب المادية في إقدام أو عزوف الشباب عن الزواج؟

وهو يعني قضية المهر مثلاً.