للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تنبيه الكفلاء في تعاملهم مع مكفوليهم]

السؤال

الرجاء تنبيه الكفلاء أن يتقوا الله في مكفوليهم حيث يأخذوا منهم مالاً كبيراً بغير حق، وأن يتقوا الله بأن لا يستقدموا إلا الصالحين إلى هذه البلاد.

الجواب

لا شك أن هذه قضية يجب التنبه لها، وإخوتنا الوافدون لهم حقوق علينا وبخاصة من جاء من المسلمين، وطبعاً المسلمون معروفة حقوقهم، والذين جاءوا بعقد أو جاءوا بذمة لهم حقوق أيضاً في حدود هذا العقد وفي حدود الذمة التي بينها الإسلام، ومن أهمها المحافظة على حقوقهم المالية، وإعطاؤهم أجرهم وافياً غير منقوص، وكذلك يعطى أجره قبل أن يجف عرقه، وكذلك من أهم شيء ألا يكلفه ما لا يطيق، فإن هذا لا يجوز وإنما في حدود ما كلف به، وألا يرهق من أمره عسراً، حتى الرق لا يجوز التعسف فيه، فضلاً عن هذا -أخ مسلمٌ أجير- فلا يجوز أبداً التسلط عليه أو إيذاؤه، سواء بالتهديد فيما يتعلق بالأنظمة أو فيما يتعلق بجهل حقه، أو بخس حقه؛ فإن هذا لا يجوز.

وأخشى أن يكون الكسب من هذا فيه نوع من الكسب الحرام، حينما تأخذ من مكفولك أو من الذي يعمل عندك أو من المستقدم عندك شيئاً يرهقه، أو تأخذ منه شيئاً على غير ما اتفقتم؛ فإن هذا كله يؤدي إلى الكسب الحرام -نسأل الله السلامة- فضلاً عن أن الأخوة الإسلامية تقتضي الرفق بهم، وبخاصة أنك تعلم أنهم ما جاءوا إلا ليطلبوا الرزق لهم ولذويهم هناك، فلو تذكرت نعمة الله عز وجل عليك أن جعلك بين أهلك وذويك، وأن كانت يدك قد نقول أنها يد عليا، ولكن لا شك أنه شريف حينما عمل وحينما أخذ كسبه بعرق جبينه، لا شك أنه كريم وشريف، ولكن أيضاً احمد الله عز وجل أنك في بلدك، فالغربة شديدة، فينبغي أن نقدر لإخواننا غربتهم، وأن نقدر لإخواننا بعدهم عن أهليهم، ولهذا لو كنا نملك أن نعطيهم إجازات أو أن نسمح لهم أو كذلك نعطيهم حقوقهم فيما يتعلق -بالتأكيد- بأوامر الإركاب ونحو ذلك، على حسب ما جرى في العقد؛ لأن العقد غالباً قد يتضمن إركاباً، وقد يتضمن سفراً، وقد يتضمن حجاً وعمرة، وقد يتضمن أشياء، فكل هذه يجب أن نؤديها بطيب من أنفسنا، ويجب أن نشعر بإخواننا.

بل قد يكون علينا أمر أكثر من ذلك، وهو أنه كما قلت قبل قليل أننا ولله الحمد مجتمعنا مازال فيه خير كثير، وفيه فضل وفيه تمسك بالدين، بينما قد يكون أخونا هذا الوافد قد جاء من بلاد مسلمة فيها تفريط فحق أن نعلمه، وحق أن نريه من سلوكنا الإسلام مجسداً، أما أن يرى منا مخالفة وظاهرنا الإسلام، بينما يرى في بيوتنا ويرى في باطننا، ويرى في تعاملنا غلظاً يحمد فيه الكافرين ولا يحمدنا فيه، ويقول: المعاملات في بلاد الكفار خير منكم، وهذا معلوم أنه دعوة سيئة للدين فضلاً عن أنه دعوى سيئة عن المجتمع، ولكن أكثر ما يهمنا هو ديننا، فعلينا أن نعلمهم، وأن نعلمهم بسلوكنا قبل أن نعلمهم أشياء نظرية، هذا الذي يمكن أن يقال.