للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الجلوس في بيت الميت للعزاء وصنع الطعام]

السؤال

توفي هذا اليوم جار لي، ونصبت خيام، واجتمع الجيران لاستقبال المعزين وأنا من الجيران فهل أبقى معهم، أم أذهب بعد العزاء إلى عملي؟

الجواب

روى الإمام أحمد في مسنده حديثاً صحيحاً عن جرير بن عبد الله البجلي قال: (كنا نعد الجلوس للعزاء وصنع الطعام في بيت الميت جزءاً من النياحة)؛ لأن النياحة هي إظهار أي مظهر يعترض فيه على قضاء الله وقدره، ولها صور: فمن صورها: لطم الخدود، وشق الجيوب، ونتف الشعور، ورفع الأصوات، وهذه من صور النياحة.

ومن الصور أيضاً: تعطيل الأعمال، والجلوس في البيوت، والمظاهرة والإضراب عن العمل، ونصب السرادقات والجلوس قياماً وقعوداً، كل ما جاء شخص قاموا وكلما خرج قعدوا، وأيضاً فيه: تعطيل أعمال الناس، ومصالح المسلمين بحجة أنه في عزاء، هذا ليس من هدي الصحابة، ولا من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أصل له في دين الله، بل الأصل أن يدفن المسلم وأن يعزى صاحب العزاء في المسجد أو في المقبرة أو في الطريق أو في السوق ولا داعي للذهاب إلى بيته؛ أينما لقيته فعزه، أما أن يجلسوا ويجلس أقاربه والجماعة كلهم والذي يغيب يا ويله، وسود الله وجهه وما فيه شيمة، وآل فلان لا ينظرون إليه، وماذا نقول لهم، فهذه عادات جاهلية ما أنزل الله بها من سلطان.

والذي يلزمنا -أيها الإخوة- نحن كطلبة علم أن نبدأ نحن بأنفسنا، إذا مات جارك أو قريبك فادخل وأنت عند الباب قل: أحسن الله عزاءكم، وجبر الله مصابكم، وغفر الله لميتكم، إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، ولا نقول إلا ما يرضي الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، أما الجلوس في العزاء فغير مسنون وهو بدعة، وبعض طلبة العلم يقعدون وبعضهم يأخذ كتاباً ويقرأ ويحدث ويقول: هذا تجمع أستغله، لا تستغل التجمع الذي هو بدعة؛ لأن التجمع الذي ما هو بطاعة الله لن يكون فيه خير في طاعة الله، وإلا تجدونهم يجلسون على السواليف وعلى العلوم التي ما أنزل الله بها من سلطان.