للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من علامات الساعة وقوع الخسف والقذف والمسخ]

من ذلك: الأحداث التي تحدث في الأمة من الخسف والقذف والمسخ الذي يعاقب الله به أقواماً من هذه الأمة، يخسف ببعض الناس ويقذف بآخرين، ويمسخ آخرون قردةً وخنازير، وهذا البلاء يقع بسبب تعاطي الأمة للذنوب والمعاصي وإعلانها بذلك؛ لأن المعصية إذا ظهرت ضرت الناس أجمعين، وإذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، وفي صحيح البخاري وصحيح مسلم يقول عليه الصلاة والسلام: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) إذا أعلن المنكر ورفع عقيرته، وأصبح صاحب المنكر لا يبالي بأن يرتكب المعصية كشرب الخمور، ولبس الرجال للحرير، وللذهب، والوقوع في الزنا واللواط، وأكل الربا ونحو ذلك من الجرائم والكبائر التي ربما تصل إلى درجة الاستحلال، أعني: لا يمارسها الإنسان وهو يعرف أنه على ذنب، وإنما يمارسها مستحلاً لها -والعياذ بالله- راداً شريعة الله في تحريمها، إذا حصل هذا حصل العذاب.

ففي معجم الطبراني بسندٍ صحيح عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيكون في آخر الزمان خسفٌ وقذف ومسخٌ، إذا ظهرت القينات والمعازف، واستحلت الخمور) إذا ظهرت القينات يعني: المغنيات، التي تسمى اليوم النجوم، وهي نجمة حقها الرجم والعذاب واللعن، ويسمونها: (كوكب الشرق) ونجمة المسرح، ونجمة الليلة، تجدها مسلمة تقول إنها مسلمة، وتقول: إن شاء الله أنا على موعد معكم في الموسم القادم على الأغنية الجديدة إن شاء الله، وبإذن الله يوفقني ربي أغني أغنية جديدة، كيف يوفقك الله لعمل هذه المعصية؟ لا حول ولا قوة إلا بالله!! إذا ظهرت القينات في الأمة وظهرت المعازف وآلات اللهو التي تصد عن ذكر الله، وتقسي القلوب، وتصرفها عن القرآن، وتجذبها وتشدها إلى الحرام، واستحلت الخمور وشربت، وهذا موجود في كثير من بلدان المسلمين، تباع الخمور علناً ويحميها القانون، ولا ينكرها أحد، والمغنيات لا تكاد تمشي عشرة أمتار أو عشرين متراً إلا وترى مسرحاً أو ملهى، والمعازف تباع كالكتب في الدكاكين، هذه إذا أعلنت حصل للأمة بسبب إعلانها خسفٌ وقذف ومسخ.

وروى ابن ماجة عن عبد الله بلفظ: (بين يدي الساعة خسفٌ ومسخٌ وقذف) وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، قالت: قلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: نعم إذا ظهر الخبث) والعياذ بالله.

والخسف والقذف والمسخ فسر في كتب العلم بعدة تفسيرات، قيل المسخ هو: أن يمسخ باطن الإنسان فيصبح في أخلاق القردة والخنازير، لا يهمه في حياته إلا الجنس، وهذه حياة القردة والخنازير، ولا يغار على محارمه، لا على ابنته ولا على امرأته ولا على أخته أي: مثل الخنزير؛ لأنه تبلد شعوره إلى درجة أنه يفرح أن تكون ابنته معها عشيق ورفيق، بل يبارك لها إذا رآها مع رفيقها يقول: مبروك -إن شاء الله- على الخطوبة، يعني تتدربي معه الآن في الحرام وبعدها يخطبك ثم تصيري زوجته وهو زوجك، فهذا ممسوخ وهو قرد يمشي في ثوب رجل، هذا حصل له المسخ، وسيحصل له القذف والخسف والعياذ بالله.

وروى البخاري عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزل أقوامٌ إلى جنب علم -يعني جنب جبل- يروح عليهم بسارحة لهم -غنم- يأتيهم لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غداً فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة) وهذا الحديث وصله الطبراني والبيهقي بسندٍ صحيح.

فهذه من علامات الساعة (ظهور القينات والمغنيات والمعازف، وشرب الخمور ولبس الحرير).