للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إعطاء النفس حقها]

سابعاً: إعطاء النفس حقها، فلا تقصر في هذا الجانب وتمنعها حقها من المباحات، ومداعبة الأهل، ومداعبة الأولاد، إذا دخلت باب البيت من حين أن تدخل خذ الولد وارفعه إلى فوق ولاعبه واضحك معه، كان الأطفال يركبون على ظهر رسول الله وهو في الصلاة، وقد صعد الحسن على ظهره، فأطال في السجود حتى كاد الصحابة يسبحون، فلما رفع رأسه اعتذر وقال: (إن ابني هذا ارتحلني) يقول: ركب علي.

من وسائل العلاج: التكامل في حياة المسلم لإعطاء النفس حقها، وإعطاء الأهل حقهم، وإعطاء الأولاد حقهم، بالمداعبة وبالنكتة البريئة، وبالنزهة وبالرحلة وبالسمر اللطيف في المباحات، يروي الإمام مسلم عن حنظلة الأسدي أنه قال لـ أبي بكر وقد لقيه، قال: (نافق حنظلة! قال: ما ذاك؟ قال: نكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكون قلوبنا في غاية الرقة، ثم نخرج فنعافس النساء والأولاد فتقسوا قلوبنا، قال أبو بكر: وأنا مثل ذلك -الذي عندك أنا أحس به، هيا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- فذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال: لا يا حنظلة! ساعة وساعة) يعني: القلوب لا تبقى دائماً على وتيرة واحدة وإنما ساعة وساعة، ساعة تكون رقيقة، وساعة ينبغي للإنسان أن يعود فيها إلى مباحاته وإلى شئونه العامة، ثم قال: (أنتم بشر لستم ملائكة) يقول: (لو أنكم تبقون في الطرقات وفي الشوارع وعند أهلكم كما تبقون يوم أن تكونوا عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات) يعني: لانقلبتم عن بشريتكم ولأصبحتم ملائكة، ولكنكم بشر والبشرية ملازمة للإنسان، ففي حدود ما أباح الله لا ينبغي للإنسان أن يقصر، وأن يضيع هذا مدعياً أنه من الدين، فإن هذا قد يؤدي إلى ردود فعل عكسية قد لا تكون سليمة مع بعض الناس، قد تكره الإنسان في الدين، وتكره الزوجة في الإسلام، وتكره الأولاد، وينشئون معقدين لا يريدون أن يكونوا مثل أبيهم على الالتزام بأسباب تقديمه الصورة المعتمة القاتمة عن الدين، وإلا فإن في ديننا فسحة، وفي ديننا مجال لإظهار ذلك، والذين يمارسون الحياة الكاملة الطيبة الإسلامية مع زوجاتهم ومع أولادهم، يعيشون أكرم عيشة.

نعم.

بعض النساء تتصور أن ما في الدنيا أعظم من زوجها، ملتزم لكن يقوم بالحق الكامل، يدخل وهو مبتسم ويضع يده عليها يضمها ويقبلها ويلاعبها ويخرج معها، وهنا هو الصحيح، لكن بعضهم يدخل عندها كأنه عسكري لا يبتسم ولا يضحك ولا يمزح، وإذا دخل أخذ الكتاب وجلس يقرأ، تقول: الله أكبر عليك مع الكتاب ليل نهار، -يا أخي- اجعل للكتاب وقتاً، وللنكتة وقتاً، وللسمر وقتاً، أما أن تعقدها وتقدم هذا الشيء فهي تتصور أن هذا هو الدين فينعكس ذلك في نفسها تقول: ما هذا الدين الذي أتيت به أنت؟ لكن لو قدمت الدين بالقالب الصحيح، وقت الجد اقرأ، ووقت الأنس تجلس مع زوجتك وتلاعبها، فقد كان صلى الله عليه وسلم وهو أكرم خلق الله يداعب أهله، وقد سابق عائشة مرة فسبقته ومرة سبقها، من منا يسابق زوجته الآن، هل هناك أحد يسابق زوجته الآن؟ لو أن شخصاً آخر قام بهذا لقالوا: هذا أخبل مجنون، سبحان الله! ما أقسى قلوبنا.

يا أخي! سابقها، داعبها، العب رياضة أنت وإياها، ابتسم لها، قبلها، خذها معك للمسجد الحرام تصلي معك، اخرج بها في نزهة، عوضها إذا منعتها من الحرام، بعض الشباب يقول: لا أدخل بيتي جهاز تلفزيون ولا فيديو ولا دش نقول: جزاك الله خيراً حميتهم لكن أوجد البدائل؛ لأن هذا يحدث فراغاً عندها، فإذا حدث الفراغ هذا وما ملأته أنت بالحق ملأته هي بالباطل، وإذا لم تأت بالتلفزيون تضطر أنها تسمع التلفزيون ولو بالتليفون، تقول لزميلتها: ضعي السماعة بجانب التلفاز حتى نسمع المسرحية، لماذا؟ بسبب سوء التطبيق من قبل بعض الناس، فوسائل العلاج أنك تعطي أهلك حقهم من المباحات.