للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المداومة على ذكر الله]

تاسعاً من معالم الدعوة: أن تكون أيها الداعية! ذاكراً لله، فأصل المسلم مطلوب منه أن يكون ذاكراً لله، لكنه مطلوب أكثر في حق الداعية؛ لأنه وهو يتعامل مع الناس ومع القلوب يحتاج إلى تأييد من الله، ولهذا قال الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: {وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} [طه:٤٢] أي: لا تفترا من ذكر الله؛ لأنكما ذاهبان لمهمة صعبة، ومهمة خطيرة، فرعون مصر الذي يدعي أنه الرب الأعلى، والذي يقوم بالدعوة هو موسى من بني إسرائيل الذين يذبحون ويقتلون، وأيضاً موسى صاحب سابقة عندهم، عنده قضية القبطيين الذين قتل منهم شخصاً، ولهذا قال موسى لما بعثه الله: {قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} [القصص:٣٣] يقول: {فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ} [الشعراء:١٣] {هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً} [القصص:٣٤] {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء:١٤] يقول له: لي سابقة لا أستطيع.

فتصور شخصاً في هذا الوضع يرسل إلى أعلى إنسان في الدنيا، يقول: {َ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:٢٤] يحتاج إلى تأييد، قال الله لهما: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:٤٣ - ٤٦] وبعد ذلك وصاهم الله فقال: {وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} [طه:٤٢] وهذه الوصية تنطبق على كل داعية، أنت تدعو إلى الله فاذكر الله، استعن بالله؛ لأنك إذا ذكرت الله ذكرك الله: (أنا مع عبدي ما ذكرني أو تحركت بي شفتاه) فإذا ذكرت الله وأنت ذاهب تدعو فقلت: سبحان الله، اللهم افتح صدره يا رب! اللهم اجعله يقبل كلامك، اللهم نور بصيرته، فيكون الله معك، وقلب المدعو ليس بيدك بل بيد الله، فإذا تكلمت دخل كلامك إلى قلبه؛ لأن الله معك.

والذكر هنا يشمل الذكر بأقسامه الخمسة: ذكر الله عند ورود أمره: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه:١٤].

وذكر الله عند ورود نهيه، فإذا نهاك الله عن شيء وأردت أن تقع فيه ذكرت الله.

وأيضاً ذكر الله في الأحوال والمناسبات.

وذكر الله الذكر العددي المطلوب بعدد معين.

وذكر الله المطلق: أن تكون دائماً ذاكراً لله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله.

وفي الصحيحين: (كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده).

وفي صحيح مسلم يقول عليه الصلاة والسلام: (الحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) رواه الإمام مسلم.