للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علامة المحبة الثانية: إظهار العزة على الكافرين]

قال تعالى: {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:٥٤] تنظر إلى اليهود والنصارى والمنحرفين نظرة الإذلال والإهانة؛ لأنك تنظر لهم من علياء الإيمان، ومن عزة العقيدة، ومن قوة الدين، فترى أنهم أعداء لله، يكذبون على الله، وينكرون الله، ويكفرون بالله، فكيف تعزهم؟! كيف؟! {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:٥٤] لأنهم يقيسون الناس بمقياس العقيدة، هل هو مؤمن؟ يعزونه ويذلون له، وأما الكفار فيذلونه ويستعلون عليه، وهذه صفة أهل الإيمان.

لكن الآية انعكست اليوم، لما عشنا في زمن ضعف الدين، أصبحت القضية بالعكس، إذا جاء كافر أو خبير أو أجنبي، ترى الناس كلهم: هذا بريطاني، وهذا أمريكي، وهذا من الدول المتطورة، وهذا من الدول المتقدمة.

وإذا أتى مسلم من تهامة أو صحراء أو بادية، والله إن قدم هذا المسلم أفضل من مليون وجه من وجوه الكفار، والله إن قدمه الحرشاء المقطعة من الجبال أفضل من وجوه هؤلاء الكفرة الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، لماذا؟ لأن هذا يؤمن بالله.

لو أتيت إلى هذا الإنسان التهامي الضعيف فتقول له: من ربك؟ قال: ربي الله، قال: لا إله إلا الله! لكن تعال عند هذا الملعون وهذا الكافر تقول: من ربك؟ ما دينك؟ ديانته كافر ملعون نجس كالخنزير والكلب، وأنت تعزه، وتخاف منه، وتكرمه، لا إله إلا الله! هذا إذا أكرمته فإن الله لا يحبك، وإذا أعززته فإن الله لا يحبك، لكن إذا أهنته وأذللته ونظرت إليه بنظرة الاحتقار والازدراء؛ يحبك الله {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:٥٤].