للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم معاكسة النساء وعمل قوم لوط]

السؤال

بين لنا حكم معاكسة النساء؟ وحكم من يعمل عمل قوم لوط؟ والعياذ بالله!

الجواب

أما معاكسة النساء والاتصال بهن سواء كانت هذه المعاكسة عن طريق الهاتف، أو عن طريق المراسلة، أو عن طريق المتابعة بالسيارات، أو عن طريق النظر إلى النوافذ والبيوت فكل هذا محرم في شريعة الله عز وجل، وهو ليس من أخلاق أهل الإيمان، بل هو من أخلاق السفلة عباد الشهوات الذي يمتلئ الإنسان منهم من رأسه إلى قدمه شهوة محرمة -والعياذ بالله- ولا يقيم لله أمراً، ولا يخاف من الله عقوبة، ولا يراقب الله ويعلم أن الله يراه في هذه اللحظات، فهذا عبد شهوته، هذا مثله مثل العير -والعياذ بالله- فإنه إذا رأى أنثى فإنه يرفع مسامعه ويطردها، لكن العاقل المؤمن إذا رأى شيئاً من هذا فإنه يخاف الله عز وجل ويغض بصره ويذكر أن الله يراه.

يقول الحسن البصري لما قيل له: [كيف نستعين على غض البصر؟ قال: بعلمك ويقينك أن نظر الله إليك أسرع من نظرك للمرأة التي تنظر لها]

وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان

فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني

استشعر مراقبة الله عز وجل، واعلم بأن الله يراك تبارك وتعالى ويعلم ما في قلبك: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:١٩] فإذا كنت في الليل لا تقتحم على المسلمين بيوتهم ولا تنتهك حرماتهم، ولا تستعمل هذه الآلة وهذا الجهاز (الهاتف) الذي هو وسيلة من الوسائل الطيبة التي أتاحها الله للناس في هذا الزمان ليقضوا أغراضهم لا تستعملها استعمالاً سيئاً -والعياذ بالله- فتقتحم على الأسر وتعاكس النساء، ماذا تستفيد بهذا؟ ماذا تكسب؟ تكسب سخط الله، تكسب إحراق قلبك، تكسب إحراق دينك ويقينك، تكسب خدش عرض أخيك المسلم؛ وكل هذه التبعات والمسئوليات تكتب عليك إن لم تتب إلى الله أو عوقبت عليها، ووالله! لتعاقبن على كل نغمة، ويوم القيامة تكون هذه تلوى عليك في النار إن لم تتب إلى الله عز وجل، لا تعاكس أحداً، وإذا كانت لك رغبة في المكالمة والمحادثة مع النساء فسارع في الزواج وتزوج؛ لأن المكالمات لا تحل إشكالك، بل تُذكِّي النار وتُشِبُّ الجحيم في قلبك؛ لأنك إذا كلمت امرأة لا تحل لك وأنت في أرض وهي في أرض احترق قلبك، فمن الذي سوف يجعلك تركب مع ابنته أو تقعد مع ابنته، وهب أنك استطعت أن تصل إلى الحرام فهل وصولك إلى الحرام يحل مشكلتك معها؟ لا.

سيبقى الحرام يزيد ويزيد، لا يحل مشكلتك مع النساء إلا زوجة حلال، تتزوج بها وتستحلها بكلمة الله، ثم حدثها من الشروق إلى الغروب لا تنام، وكلمها بالهاتف، فهذه زوجتك وحلالك.

أما عمل قوم لوط فهو محرم -والعياذ بالله- يقول عبد الملك بن مروان: [والله لو أن الله ما حدثنا في القرآن عن عمل قوم لوط والله ما صدقت أن ذكراً يركب ذكراً] لأن هذا غير موجود في الحيوانات لا يوجد حمار يركب حماراً، الحمار أعقل من الذي يعمل هذا العمل، القرود والخنازير والكلاب من أشد الحيوانات جنساً، ولهذا يضرب بها المثل في النذالة والخسة والحقارة لكنها -وهي أشد شيء في ذلك- لا يركب الذكر الذكر مستحيل أبداً، لا يركب قرد كلبة ولا يركب كلب حمارةً أبداً، وإنما من جنسه، لكن اللوطي -والعياذ بالله- لا يتورع أن يركب رجلاً، ولا يتورع أن يركب كلباً، ولا يتورع أن يركب حتى حمارة، لماذا؟ أقذر إنسان على وجه الأرض بل أقذر مخلوق -والعياذ بالله- ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) وحكم الصحابة فيه التحريق بالنار، وحكمهم فيه أنه يحمل إلى أعلى مكان في المدينة ثم يرمى ويتبع بالحجارة أخذاً من عمل الله بقوم لوط الذين قال الله فيهم: {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:٨٢ - ٨٣].

وقد ورد في بعض الآثار أنه (إذا ركب الذكر الذكر اهتزت السماوات والأرض لغضب الله عز وجل فتمسك الملائكة بأطراف السماء وتقرأ سورة الإخلاص حتى يسكن غضب الرب، ولولا البهائم الرتع والشيوخ الركع والأطفال الرضع لصب الله العذاب على أهل الأرض صباً بسبب هذا العمل) فالله يقول: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:٨٠] إن هذا هو غاية المسخ للإنسانية، وغاية الشذوذ وإخراج الإنسان من إنسانيته أن يتحول إلى أن يكون أقذر من الكلاب والقردة والخنازير -والعياذ بالله- فلا يعمل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط).

أما عذابهم في الآخرة فلا يتصوره العقل نعوذ بالله وإياكم منه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.