للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشيطان وتخويفه للإنسان بالفقر]

وبعد ذلك يسير كثير من الناس في ركاب الشيطان، كيف؟ بعض الناس يقول: كيف يدخل الواحد في ركاب الشيطان؟ نقول له: إن الله قد بين ذلك في القرآن، يقول الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:٢٦٨].

كل أمر تجده في نفسك رغبة في الشر فاعلم أنه من الشيطان، وكل أمر تجده في نفسك تقاعساً عن الخير فاعلم أنه من الشيطان؛ فإذا جئت لتخرج من جيبك نقوداً لتتصدق بها، اعتراك نوع البخل فمن هو الذي أمرك بهذا؟ الشيطان؛ لأنه يعدك الفقر، يقول: اغلق الشنطة!! تخرج منها خمسة أو عشرة!! فيغلق الشنطة، لكن قيمة الدخان! إذا جئت لتشتري دخاناً، يقول الشيطان لك: اشترِ هذا.

ريال الدخان مخلوف، يقول إبليس: الذي يقع في يد الشيطان مخلوف، ولو جاءك فقير في صباح يوم من الأيام وطرقت عليك الباب امرأة وقالت المرأة: انقطعت بي السبل، ولم أجد بلاغاً إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رزقك أن تعطيني خمسة ريالات لآخذ لأولادي شيئاً، أبونا ميت وأنا في حالة من الفقر، أريد بريال خبزاً وبريالين جبناً وبريالين طحينية، أفطر أولادي، أسألك بالله الذي رزقك! ربما يحن قلبك عليها وتقول: تفضلي هذه خمسة ريالات، ثم في اليوم الثاني جاءت، ودقت الباب: قالت: أسألك بالله، خمسة ريالات ثانية، فستقول لها: أنت جئت بالأمس؟ نعم جئت بالأمس، ما معي إلا الله ثم أنت، قال: طيب إن شاء الله، وإذا جاءت اليوم الثالث: هل تعطيها؟ ستغلق الباب، وإذا دقت الجرس تقول للمرأة: انظري فإن كانت تلك فاطرديها، أنا حكومة هنا كل يوم خمسة ريالات؟! وإذا خرجت عليها رأيتها وأصرت إلا أن تدق الباب فربما تأخذها بالعصا، وتقول: أعطيناك خمسة وثاني مرة خمسة وكل يوم خمسة خمسة، مائة وخمسين في الشهر، والله لا أفتح لك الباب، فلو أعطيتها خمسة، ففي الشهر ماذا يكون رصيدك عند الله يوم القيامة، ورد في الحديث: (إن الصدقة لتقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير، وإن الله ليربي لأحدكم صدقته كما يربي أحدكم فلوه) ويأتي الرجل يوم القيامة فيجد حسنات كأمثال الجبال، يقول: يا رب! من أين هذه؟ ليس عندي شيء، قال: هذه صدقاتك رباها الله عز وجل وضاعفها لأن الله تعالى يقول: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة:٢٧٦] {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ:٣٩].

خمسة ريالات قدرت عليها، وفي اليوم الثالث تطردها، لكن أربعة ريالات قيمة الدخان؟ هل جاءك الشيطان وثبطك عن شراء الدخان؟ وبعضهم يستلفها، ولو يجعل أولاده يموتون جوعاً، وبعض الرجال ليس عنده أو عند أولاده نقود ويشتري دخاناً، لماذا؟ لأنه حق الشيطان، لمن يدعها؟ هذه مسواك إبليس؛ لأن الشيطان مخلوق من النار أليس كذلك؟ ومسواكه من أين؟ من النار، ولهذا أبى الشيطان إلا أن يمسوك أتباعه وأصحابه بمسواكه، إن مسواك النبي صلى الله عليه وسلم ثمنه ريال، يكفيك من يوم الجمعة إلى الجمعة، وقد يستمر معك جمعتين، وبعد ذلك (مطهرة للفم، مرضاة للرب)، يقول عليه الصلاة والسلام: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) والحديث في الصحيحين، ويقول الإمام الصنعاني في كتابه سبل السلام: يا عجباً لأمة تضيع سنة يقول فيها نبيها أكثر من مائة حديث.

ورد في فضل السواك أكثر من مائة حديث، وجاء الشيطان عند أهل الدخان وأقنعهم بمسواك آخر من النار، ما هو؟ من الدخان، وبعد ذلك كم؟ هذا يكفيك عشرة أيام، أو خمسة عشر يوماً بريال، ومرضاة للرب ومطهرة للفم، ومن أعظم شيء يتقرب به العبد إلى الله، فجاء الشيطان إلى الناس، وأقنعهم بترك السواك، وأخذ سواكاً آخر لكن من مادة الشيطان، من خلق وتكوين وتركيب الشيطان، وبعد ذلك كم؟ مسواك يكفي في الأسبوع؟ لا.

في اليوم عشرون مسواكاً (باكت) وبعد ذلك من مسواك إلى مسواك، وبعضهم أربعين مسواكاً.

وهذا المسواك يطيب فم الإنسان أم يخبثه؟ يخبثه، فلو مررت من عند شارب الدخان وشممت رائحة فمه كأنك تشم رائحة بيارة والعياذ بالله، حتى إن من الرجال من يعذب امرأته؛ مدخن ويريد أن يسلم على امرأته وهي تتمنى أن تسلم عليه، لكن إذا قرب منها جاءت الريحة إليها، فغمضت، أو قبلته قبلة واحدة بسرعة ولفت، لماذا؟ لأنها لا تريد أن تشم رائحته والعياذ بالله! لقد أكرم الله الإنسان بفتحة طاهرة عليا وهي الفم، فجاء الشيطان وحول الفتحة العليا إلى رائحة كريهة والعياذ بالله، حتى إن بعض المدخنين إذا كان في إدارة حكومية أو محكمة أو مع رجال فيهم خير، ويريد أن يدخن لا يعرف أين يدخن، ممنوع التدخين في الدوائر الحكومية، فأين يدخن؟ في الحمام؛ فتجتمع له رائحتان فينبسط! والله لو أنه ليس في الدخان إلا هذا، هل سمعتم أن واحداً يستطيع أن يأكل سندويتشاً في الحمام؟ يستطيع أن يشرب شاياً في الحمام؟ لماذا؟ لأنه ليس مكانها لا تطيب لي نفس أن آكل في الحمام حتى ولو كنت في حد الموت.

لكن يقدر أن يشرب الواحد الدخان في الحمام، لماذا؟ لأنه المكان الصحيح للدخان، لكن يشربه في المسجد، يشربه بين يدي العلماء؟ لا يقدر؛ لأنه خبيث، ولذا يا إخواني! نقول لشارب الدخان: اتق الله في نفسك، اتق الله، راجع نفسك من الآن وقرر، إذا كنت رجلاً وشهماً وصاحب إرادة قوية قرر من الآن التوبة، لتكون طيباً، لأن الله تعالى يقول: {وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} [النور:٢٦].

هل الدخان طيب أم خبيث؟ خبيث، والذي يدخن كذلك، لأن الله تعالى يقول: {وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور:٢٦] هل ترضى أن يقال لك خبيث يا شارب الدخان؟ لماذا تقبل الخبيث؟ لماذا تضعه في فمك؟ لماذا تشربه؟ لماذا تنفخه؟ لماذا تضعه في جيبك؟ لماذا تشتريه؟ لماذا تبيعه؟ لماذا تروجه؟ إنه خبيث، وقد حرم الله الخبيث وقال: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:١٥٧].