للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حرص الشيطان ومقابلته لأوامر الله بأوامره]

واعلموا أيها الإخوة! أنه ما من أمر لله إلا ويقابله أمر للشيطان، فمن وقع في أمر الله فهو عبد الله، ومن ترك أمر الله وقع في أمر الشيطان شاء أم أبى؛ أمر الله بالصلاة والشيطان أمر بالنوم، فإذا كنت مع الله فإنك تقوم لتصلي، وإذا كنت مع الشيطان راقداً على الفراش في صلاة الفجر، هذا ميزانك؛ أمر بالصلاة في ذلك الوقت والشيطان أمر بالنوم في ذلك الوقت، أنت مع من؟ الله أمر بالقرآن، والشيطان أمر بالأغاني، أنت مع من؟ الله أمر بالنظر إلى الحلال، والشيطان أمر بالنظر إلى الحرام، أنت مع من؟ الله أمر بأكل الحلال، والشيطان أمر بأكل الحرام، الله أمر بالبيع والشيطان أمر بالربا، أين أنت؟ الله أمر بالعسل والطيبات والشيطان أمر بالدخان والخبائث والخمر والمخدرات، أين أنت؟ لا يمكن أن تقع بأمر لله عز وجل إلا وأنت متحرر من أمر الشيطان، ولا يمكن أن تقع في أمر من الشيطان إلا وأنت متحرر من أوامر الله، شئت أم أبيت، وقد يقول واحد من الناس: أنا لا أطيع الله ولا أطيع الشيطان، معقول؟! أنت لابد أن تنظر، وليس هناك شخص لا ينظر، لكن هناك من ينظر فيما يحبه الله ويرضاه، وآخر يتلفت إلى النساء، هذا عبد للشيطان، ولابد أن تسمع، فهناك من يسمع القرآن وآخر يسمع الأغاني، لا يوجد أحد يقول: لا والله، أنا لن أتلفت وسأغلق عيني.

ولا أسمع، فسوف أسد مسامعي، ولا آكل ولا أشرب، ولا أقوم ولا أجلس، ولا أخرج ولا أجلس، من هذا؟ هذا الميت الذي مات، هذا نذهب به إلى القبر.

أما الحي فلابد أن يسمع ويتلفت، وينظر ويتكلم، ولكن إما بما يرضي الله فهو عبد الله، أو بما يرضي الشيطان فهو عبد للشيطان.

وهؤلاء الذين يعيشون في الدنيا على هذا الوضع هم عند الموت خبثاء، جاء في الحديث تقول لهم الملائكة: (يا أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب) اخرجي الآن للحساب، كنت خبيثة ومفلوتة، والآن اخرجي للحساب، إلى سخط من الله وغضب، وفي القبر يسأل: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ يقول: هاه، هاه، هاه، لا أدري؛ لأن الله يضله، يقول: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:٢٧].

وبعد ذلك يأتي عمله على أخس صورة، عمله دخان، وقطع لرحمه، وعقوق لوالديه، وإساءة لجيرانه وجماعته ومشاكله وتحريشه، وغيبته ونميمته، وإفساده، مثل قطة أبو عريش، فقد أحرقت أبو عريش بذيلها، احترق ذيلها في عشة وخرجت وذهبت إلى العشة الثانية وخرجت وأحرقت الثالثة، حتى أحرقت مدينة.

وكذلك من الناس من دوره مثل دور قطة أبو عريش، يحرق القرية كلها بلسانه، يأتي عند فلان، ويقول: هاه سمعت ماذا قال فلان؟ قال: والله يقول: فيك وفيك، وأعطى وأخذ منه كلاماً، وراح عند ذاك حتى يفسد، يشعل النار والفتنة بين الجماعة والعياذ بالله.