للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من علامات الساعة الكبرى: خروج يأجوج ومأجوج]

من علامات الساعة: خروج يأجوج ومأجوج، وهما أمتان عظيمتان من ذرية آدم، ثبت في الصحيحين أن الله عز وجل يقول لآدم: (يا آدم! أخرج بعث النار، قال: ربي وما بعث النار، قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة -لا إله إلا الله- فحينئذٍ يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، فقال صلى الله عليه وسلم لما رأى الصحابة تأثروا: إن فيكم أمتين ما كانتا بشيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج) وطبعاً من كل ألف واحد إلى الجنة صعب جداً، متى تكون أنت؟ في المائة الأولى أم المائة الثانية أم المائة الثالثة؟ تسعمائة وتسعة وتسعون للنار، وأنت واحد من الألف -نسأل الله لنا وإياكم أن نكون من الناجين- لكن التسعمائة والتسعة والتسعين التغطية والنقص يأتي من يأجوج ومأجوج، ليفرح أهل الإيمان، وليطمئنوا إلى أنهم إن شاء الله من الناجين والله عز وجل لا يخلف الميعاد: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس:٤٤].

المهم أنك تأتي بالذي عندك من عبادة وعقيدة وسلوك ومعاملة وإخلاص وأخلاق إذا أتيت بها فلا تخف لأن الله لا يظلمك: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء:٤٠] ويقول: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل:٨٩ - ٩٠]: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام:١٦٠] إذا أتيت بحسنة واحدة آتاك الله عشر حسنات.

وقد أخبر الله تبارك وتعالى أن السد الذي أقامه ذو القرنين مانع لهم من الخروج، هم الآن موجودون في علم الله ولا نعلم مكانهم حتى لا يأتينا أحد ويقول: أنا رأيت الكرة الأرضية وطلعت إلى القمر ورأيناهم، نقول: إنهم موجودون أو إنهم سيأتون، يعني إذا أذن الله عز وجل بخروجهم خرجوا، وبعض العلماء يقول: إن العدد الذي يتكاثر منه الآن شعب الصين عدد غير معقول أبداً فقد بلغوا الآن ألف مليون، يعني ربع سكان الأرض من الصين، وهم يتكاثرون مثل الجراد، وبعض الصينيات تلد ستة في المرة الواحدة، بطنها صغير لكنها تلد ستة أو سبعة أو ثلاثة أو أربعة، بينما المرأة هنا لا تلد إلا واحداً.

ومدينة بكين عاصمة الصين عدد سكانها عشرة مليون نسمة، يعني بقدر سكان المملكة العربية السعودية، هذا في مدينة واحدة ومدنهم كثيرة جداً.

فلا نستطيع أن نجزم أنهم هؤلاء؛ لكن قد يكونون من ذريتهم، يعني هؤلاء الألف مليون الآن أليسوا يتزوجون؟ يتزوجون ويتناكحون ويتناسلون، بمعنى أنهم يتكاثرون فلا تمر فترة من الزمن إلا وقد صاروا مثل عددهم الآن عشرات المرات.

يقول الله عز وجل: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً} [الكهف:٩٧].

وهنا تعبير جميل وإشارة لطيفة في قول الله عز وجل: (اسطاعوا)، (واستطاعوا) {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف:٩٧] لا يقدرون على الظهور، ثم قال: {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً} [الكهف:٩٧] ما قال (اسطاعوا) لأنهم ما داموا عاجزين عن الظهور فهم أعجز من أن ينقبوه؛ فزاد في بناء الكلمة، هناك (اسطاعوا) رباعي، وهنا (استطاعوا) سداسي، والزيادة في المبنى تدل على العمق والأصالة والقوة في المعنى، فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً، لكن إذا جاء وعد الله وأمر الله قال الله: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ} [الكهف:٩٨] ولا يمنعهم سد في ذلك الوقت، ويخرجون مثل الجراد: {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً} [الكهف:٩٨] ثم يخرجون كموج البحر مثل البحر إذا فاض على الناس، يقول الله عز وجل: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف:٩٩] وذلك قرب قيام الساعة: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً} [الكهف:٩٩].

وقد أخبر الله عز وجل في موضع آخر عن نقبهم السد وخروجهم منه، قال عز وجل: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ * إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء:٩٦ - ٩٨]-نعوذ بالله جمعياً من ذلك- {لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ * لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ} [الأنبياء:٩٩ - ١٠٠].

وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه فتح من ردم يأجوج ومأجوج في عصره فتحة بسيطة، وهذا إنذار أنه إذا فتح من شيء شيء فبداية الفتح الكبير، والحديث في صحيح البخاري تقول زينب بنت جحش رضي الله عنها: (دخل صلى الله عليه وسلم يوماً عليَّ فزعاً مرعباً وهو يصيح، لا إله إلا الله، ويل للعرب من شرٍ قد اقترب، فتح من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! -أليس الصلاح أمان من العذاب- قال: نعم إذا كثر الخبث) إن الغالبية تأخذ حكم الندرة، أنت الآن عندما ترى ثوراً أسود وفيه شعرات بيض، فماذا تقول: أبيض أو أسود؟! تقول: ثور أسود ولو وجد فيه مائة شعرة بيضاء، وإذا رأيت ثوراً أبيض وفيه مائتا شعرة سوداء ماذا تقول: أسود أو تقول أبيض؟ تقول أبيض، فالغالبية تأخذ الحكم، إذا كثر الخبث، وكثر الفساد نزل التدمير والعذاب، وإذا كثر الصلاح وعم الخير ولو وجدت جزئيات فساد فإن الله عز وجل يرحم العباد.