للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التفكر في نعم الله]

التفكر في مظاهر البر والإحسان والنعم التي تحيط بك -أيها الإنسان- {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل:٥٣].

ولو تأملت -يا أخي- جزئية من جزئيات جسمك لوجدت أن فضل الله عز وجل عليك عظيم {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} [النساء:١١٣].

أنت تدخل الآن في فراشك وتنام، وفيك أجهزة من رأسك إلى قدمك، لو تعطل عليك جزء واحد أو جهاز أو عرق أو عظم أو مفصل لتغيرت حياتك كلها، بعض الناس يصيبه وجع في سن من أسنانه، أو ضرس فيتورم ضرسه ولا يستطيع أن يأكل، أو يشرب، أو ينام، وإذا سألوه قال: كل شيء إلا الضرس، لماذا؟ لأن ضرسه يؤلمه، فإذا سلم ضرسه وجاءه مغص في بطنه وقعد يتلوى ويوعك قال: كل شيء إلا هذه البطن، فإذا سلم بطنه وجاءه صارف في عينه، قال: كل شيء إلا العين، فالعين جوهرة، وددت لو أن كل شيء فيّ سقيم إلا عيني، فإذا سلمت عينه وجاءه صالب في ركبته قال: إذا أصيبت الركب فلا أستطيع أن أمشي أو أقوم، المهم لا يهون عليك من جسمك شيء، حسناً الآن وأنت نائم على فراشك جهازك السمعي يعمل، وجهازك البصري يعمل، وجهازك التنفسي يعمل، وأسنانك سليمة، وعروقك جارية، ومجاريها كلها سليمة، وقلبك، ورئتك، وكلاك، ومعدتك، وأمعائك، والبنكرياس، والكبد محلها تعمل، كم جهاز وآلة وعضو؟! كلها تعمل، والله هو الذي يسيرها لك، فهذه نعمة أم لا؟! ثم تنظر بعد هذا وأنت تتقلب على فراشك في العافية، وتنظر إلى زوجتك معافاة وأولادك معافون، آمن في سربك، معك قوت يومك وليلتك وشهرك وسنتك، بل بعضهم معهم قوت سنين، فهل هذه نعمة أو ليست نعمة؟! فمن الذي أنعم بها عليك؟ الله عز وجل، فلو تفكرت فيها وقلت: اللهم لك الحمد يا رب، تدخل بابك بعد صلاة العشاء، وتجد أن أولادك كلهم في البيت وتغلق عليك الباب، لا تخاف من أحد يطرقك، أو يغضبك أو يقتلك، أو يسرقك، وبعد ذلك تدخل البيت وتجد أنه لا ينقصك فيه أي شيء، كان الناس في الماضي يدخل الشخص بيته والأسى واللوعة والحسرة تعتصر قلبه، لأنه لا يجد عشاء لأولاده، فجيبه فاضٍ، والسوق فاضٍ، وليس هناك شيء.

فيما مضى كان الشخص يهرب من الضيف فإذا جاء الضيف الكل يغلق بابه، ليس بخلاً ولكن لا يوجد شيء يضيفونه به، لكن اليوم يدخل الشخص يجد أن بيته فيه كل شيء، الثلاجة مليئة باللحوم، والأسماك، والدجاج، والطيور، والمعلبات، والخيرات، والبركات، والجيب ممتلئ، ولو نقص عليه شيء ما يتحرك من بابه، ويركب سيارته، ويذهب إلى أقرب دكان أو أقرب بقالة حتى إن البقالات لم تعد دكاكين بل صارت مراكز، يقول: مركز تسويق، سوق مركزي، يدخل الشخص وقد جلبت له كل نعم الأرض، اللحوم في زاوية، والفواكه والخضروات في زاوية، والمعلبات في زاوية، واللعب في زاوية، أي: يدخل ويخرج والدنيا كلها في هذا الدكان، من ساق لك هذه النعم؟ إنه الله الذي لا إله إلا هو، فاعرف نعمة الله واشكر الله واعترف بنعمه عز وجل وقم بعبادته، عندها يحبك الله تبارك وتعالى ويزيدك قال: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:٧] فالتفكر في مظاهر البر والإحسان والنعم يحببك إلى الله.