للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة]

يقول الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً} [الأنبياء:١٠٧] لمن؟ للناس؟! لا.

بل: {لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:١٠٧] وكل ما سوى الله فهو عالَم، رحمة للسماوات وللأرض، ولليل وللنهار، وللأشجار وللبحار، وللإنسان وللحيوان، وللنبات وللجماد كل شيء، لقد شملت هذه الرسالة وعمَّت رحمتها كل شيء، حتى المطر إذا نزل على أرضٍ فيها صلاح ودين يصير رحمة، وإذا كان فيها معاصٍ يصير عذاباً وتدميراً، لماذا؟ لأنه في الأصل رحمة، وأحياناً لا يكون هؤلاء أهلاً للرحمة فينزل عليهم عذاباً -والعياذ بالله-.

فبعثة النبي صلى الله عليه وسلم رحمة، وتصوروا أيها الإخوة، لو لم يكن لنا رسول، فمن يكون قدوتنا في الحياة؟! إن المؤمن ليطمئن وتهدأ نفسه حينما يعلم أنه يتلقى تعليماته وقدوته وأوامره ويسير في حياته على منهج أكرم بشر، وعلى طريقة أفضل مخلوق، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، شرف عظيم لك أن يكون قدوتك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكن إذا كنتَ بغير قدوة ورسالة ما حالك؟ انظروا إلى التائهين الضالين، يربي له (زنَّارة).

ماذا به؟! قال: هذا خُنْفُس.

هذا قدوته الخُنْفُس.

وآخر حلق رأسه إلى أن صار رأسه مثل البطاطا تماماً.

ماذا به؟! قال: هناك جماعة في أوروبا اسمهم: جماعة الأرانب، أنا من أعضاء جمعية الأرانب.

هذا خُنْفُس وهذا أرنب! وآخر يلبس بنطالاً ضيقاً على استه حتى يخنقها، ثم يوسع على رجله ويجعله متراً من تحت.

ما به؟ قال: هذا (شارل استون).

ما هذا؟! من قدوة هؤلاء الضالين الضائعين -والعياذ بالله-؟! رأيت مسابقات يجرونها الآن في العالم تُضْحِك، قبل أيام سمعنا واحداً أُجريت له مسابقة، وحقق رقماً قياسياً في الضحك، مكث ساعة يضحك، حتى آلم فمه وهو يضحك وإذا وقف، قالوا: اضحك أو اخرج من المسابقة.

أهولاء يعيشون في سعادة؟! وآخر أجريت له مسابقة في أطول شنب؛ مكث طول حياته ليس همه إلا أن يمسح شنبه، ويسقيه بالمواد الكيماوية، ويسحبه، ويهتم به، حتى كبر، أتدرون كم كبر؟! مترين وأربعين سنتيمتر شنب ملفوف! ليس لهم قدوة هؤلاء ضالون ضائعون، لكن أنت مربوط بالسماء، وموجَّه إلى شخص كريم، اختاره الله واصطفاه، وجعله رسولاً، وقال للناس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:٢١] فتطلق لحيتك وتعفيها؛ ليس لأنها قضية شعر، ولا ديكور، لا؛ ولكن لأن الرسول أمر بها، وقال: (قصوا الشوارب، وأعفوا اللحى) ولذا هي كريمة عندك، لا لكرامة الشعر، ولكن لكرامة الآمر بها والذي حثك عليها، وتموت وتُقطع رقبتك ولا تقطعها، لماذا؟ لحبك لمن أمر بها صلوات الله وسلامه عليه؛ لكن حينما تهون محبة الرسول في قلبك تهون لحيتك عليك، وتحلقها بنقود عليها، وتدع الحلاَّق يَرْصَعها وعينك تنظر، بل بعضهم يحلق في الحمام، وتذهب لحيته مع الكرسي! أين كرامة الإنسان؟! أين كرامة الرسول صلى الله عليه وسلم في قلوبنا؟! {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:١٠٧] إن أعظم ما رحم الله به العباد هو: بعثة هذا الرسول، وإنزال هذا الكتاب الكريم.