للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نعمة الأنف]

ومن نعم الله عليك نعمة الأنف الذي جعله الله في وسط الوجه، وقبل أن يدخل الهواء إلى الرئتين يمر عليه، ويقوم هو عبر الشعيرات الهوائية الموجودة في باطن الأنف بتصفيته وتنقيته من الأتربة والغبار، ولذلك ترى أنك إذا اشتغلت في ذلك اليوم بأي عمل فيه تراب وغبار، ثم جئت تستنثر وتتوضأ فإنه يخرج من أنفك تراب، فهذا التراب لو لم توجد الشعيرات لكان رأسك ممتلئ طيناً؛ لكن الله يحجز عنك هذه الأتربة عن طريق هذه الشعيرات فلا يدخل شيء، فإذا دخل الهواء من الأنف لا يدخل مباشرةً إلى الرئة، كان بالإمكان أن يدخل من الفم، لكن جعل الله له ممراً من الأنف إلى أن ينزل بواسطة البلعوم إلى القصبة الهوائية ثم إلى الرئة باستمرار، وفي هذه الرحلة يحصل تكييف للهواء؛ لأن درجة حرارة الهواء الخارجي -أحياناً- تكون أقل من درجة حرارة الجسم، فحرارة الجسم في الغالب (٣٧ درجة)، لكن تكون درجة حرارة الهواء الخارجي (٢١ درجة)، فإذا دخل الهواء البارد إلى الرئة فجأة، فإنه يحصل للإنسان زكام، فالهواء يدخل من الأنف والأنف يدفئه باستمرار ويدخل إلى الجسد وهو على درجة حرارة الجسد، ولذا ترون الإنسان في أيام البرد يصير أنفه أحمر، لماذا؟ لأن الشعيرات الدموية الموجودة فيه تعمل أكثر لكي تدفئ الهواء، فلا ينزل الهواء إلا مكيفاً، فهذه نعمة من نعم الله عليك.

وإذا أصبت بالزكام وجلست أسبوعين أو ثلاثة وأنت لا تشم تعيش حياتك كلها بصعوبة جداً، ولا تطعم شيئاً من ألذ المأكولات، ولا تشم شيئاً من الروائح العطرية؛ لأن الحاسة عندك ليست سليمة، هذه نعمة من نعم الله عليك، وفتش في نعم الله عليك.