للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نعمة المريء والبلعوم ولسان المزمار]

بعد اللسان في رأس الرقبة توجد (ماسورتان): ماسورة اسمها (المريء) وهو الذي يدخل منه الطعام، وماسورة ثانية اسمها البلعوم، وهي التي يسمونها (القصبة الهوائية) وهي التي يدخل منها الهواء.

وهاتان الماسورتان يقف بينهما جندي نسميه باللسان العامي (الطراعة)، واسمها في الطب: (لسان المزمار).

ومهمته: إذا أتى طعام يفتح مجرى الأكل ويسد مجرى الهواء، وإذا أتى هواء يسد مجرى الطعام ويفتح مجرى الهواء، ولا يسمح بمرور الاثنين في وقت واحد -عسكري مضبوط- وأحياناً يصدر من الدماغ أمر لهذا العسكري بالسماح بدخول هواء ودخول طعام، يعني: شخص يأكل ويتكلم ماذا يحصل عنده؟ يحصل الشرقة، وهي أن العسكري هذا لم يعد يعرف ينفذ أمر من، فهناك هواء يريد أن يدخل ويخرج؛ لكي يتكلم الشخص، وطعام يريد أن يدخل، فتدخل حبة رز في ماسورة الهواء وليس هو بمجرى لها، ولو دخلت هذه واستقرت في الداخل ماذا يحصل؟ يحصل الموت، لا يوجد دواء إلا أن يموت الإنسان مباشرة، حيث إنه لا تستطيع هذه القصبة الهوائية أن تتحمل حبة رز تدخل، فإذا دخلت الحبة هل يموت الإنسان بسبب هذه الغلطة؟ لا.

فالله عز وجل رحيم بهذا الإنسان، فتصدر أوامر من العقل إلى الرئة بوجود جسم غريب دخل عليكم اطردوه، فرأساً يبدأ الإنسان يسعل كثيراً، وهذه هي عملية طرد لهذا الجسم الغريب ولهذه الحبة من هذا المجرى فتخرج، فإذا خرجت قال: الحمد الله ذهبت الشرقة.

هذه نعمة يا أخي! لو عطل الله منك لسان المزمار أو خرب ماذا تعمل؟ يا أخي! كلك آيات من آيات الله: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:٢١] أفلا تتفكر من الذي أعطاك هذه الإمكانات وهذه القدرات إلا الله الذي لا إله إلا هو.

المريء نسميه باللسان العامي (القرط) يعني الغضروف، وهي مفتوحة باستمرار، فهي مجرى الهواء لماذا؟ لأن الإنسان يحتاج إلى الهواء باستمرار، فجعلت هذه الماسورة مفتوحة وأنت قائم أو نائم، وأنت ماشٍ أو جالس، في أي وقت مفتوحة والهواء شغال.

وبعد ذلك في المنام ركب الله هاتين الرئتين وركب لها عضلات لا إرادية تشتغل بغير إرادة منك، عضلة الرئة باستمرار تضخ الهواء، لو أن الله جعل عضلة الرئة إرادية بحيث من أراد الحياة يشغل رئته، والذي لا يريد الحياة يوقف، فما رأيكم: هل يشتغل شخص بشيء غير رئته؟ كل منا يريد ألا يقبض؛ لأنه إذا أوقف الرئة مات، لكن جعل الله هذه الرئة تتحرك بالهواء وأنت راقد، والهواء يطلع وذاك ينزل، لا إله إلا الله ما أعظم نعم الله علينا! أما العضلة الثانية لمجرى المريء الخاص بالطعام فماسورة مجوفة ذات عضلات تسمح بنزول الشيء ولا تسمح بخروجه، إذا دخل فيها شيء تنقبض إلى تحت بحيث لا تبقى لقمة في حلقك، بمجرد أن ترميها تقوم العضلة تضغط على تلك وتضغط تضغط إلى أن تستقر في بطنك، ولولا وجود هذه العضلة لاحتاج كل منا إلى أن يدفع كل لقمة ويدخل وراءها سيخاً كيما ينزلها، لكن من وقت ما تبلعها ما الذي يوصلها إلى المعدة؟ هذا فم المعدة مسافة (٣٠سم)، فما الذي يدخل اللقمة إلى هنا؟ أو تشرب على كل لقمة ماء، لكن يمكن أن تكون اللقمة كبيرة، من الذي يمشي لك هذه اللقمة؟ لقد كفاك الله هذه المئونة، وجعل العضلة هذه بمجرد ما تنزل بها الحبة تنقبض إلى تحت لكي تعصرها إلى أن تنزلها وتنفتح بعدها، لكن هذه العضلة لا تسمح بخروج شيء، وهذه العضلة النازلة مفتوحة، لكن لا تسمح بخروج الطعام؛ بدليل أنك إذا قمت بالانتكاس أو مارست حركة من حركات الرياضيين أنه يحصل الانتكاس والمعدة تتشقلب، لكن هل سمعنا أن واحداً انتكس على رأسه ونزل من بطنه إلى الماسورة شيء؟ لم ينزل شيء، لماذا؟ لأن الماسورة هذه إذا انتكس الواحد لا تسمح بنزول شيء، إلا في حالة واحدة وهي حالة الاستفراغ فإذا امتلأت المعدة، وأحس الإنسان بضيق، فالله عز وجل يعطيه قدرة على أنه ينقر حلقه، ونقر الحلق هذا هو عملية تهييج لهذا البلعوم أن هناك طعاماً زائداً دعه يتخلص منه، فيعود الشخص (أع، أع) حتى يخرجه، أو يكون الإنسان مريضاً، فهذه نعمة أيها الإخوة! من نعم الله عليك أيها الإنسان.