للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدعوة إلى الله مسئولية الجميع]

السؤال

إنه بسببك -بعد الله- اهتدى مِن هذه المحاضرات التي تلقيها أناسٌ كثير، ووفقك الله لكل خير.

والذي أرجوه منك: أن تنبه على الإخوة الدعاة أن يذهبوا إلى الشباب في أماكن اجتماعهم، في (الأحواش) والاستراحات، وإنقاذهم بعد الله من هذه الغفلة التي يعيشونها في السهر على (البلوت) والنظر إلى (الدشوش) فجزاكم الله خيراً؟

الجواب

جزى الله الأخ الكريم خيراً، فإنه بهذا الانتباه واللفت الجيد يضعنا أمام مسئوليتنا أمام الله عز وجل، فإن هذا الدين -أيها الإخوة- هو مسئولية كل مسلم، وبموت النبي صلى الله عليه وسلم وباعتباره آخر الأنبياء وخاتم النبيين حيث لا نبي بعده، نقول: إذاًَ مَن يدعو إلى هذا الدين؟! تدعو إليه أمته، يقول الله عز وجل: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:١٠٨] فأتباع الرسول صلى الله عليه وسلم كلهم دعاة، وهؤلاء الذين يعيشون على الأرصفة، وفي (الأحواش) والبراري والقفار، ويسهرون على اللعب، والأغاني، والأفلام، هؤلاء إخوة لنا في الإسلام، أبناء الفطرة، والدين، ليسوا أصحاب عقائد ضالة، وليس عندهم خرافات، ولا بدع، ولا ضلالات، وإنما عندهم شهوات، وطبقة من الغفلة، والشهوة، ما إن تأتي أنتَ بـ (قال الله، وقال رسوله) إلا وتجد لها تلك الجدوى؛ لكن مَن يقوم بهذا الدور؟! أنت -يا أخي- وبالأسلوب الحسن، وبالعبارة اللطيفة، وبالجد، وبالوصول إلى القلب، لا بالانتهار، والتعالي، والاحتقار لهم، وإنما بالحب لهم، بالسلام عليهم، والابتسامة لهم، وبالعرض عليهم، إذا مررتَ على مجموعة وهم جالسون فقل: السلام عليكم -وهم من حين أن يروك ينفرون منك؛ لأن شكلك واضح أمامهم، وذلك مِن قصر ثوبك، ومِن لحيتك، وتدينك، وهم في فسق، والشيطان يغطي على قلوبهم، فإذا جئت ابتسم أولاً وقل: السلام عليكم، كيف الحال يا إخوان؟! إن شاء الله طيبون.

بعض الناس يأتي ليدعو فيقول -غاضباً-: السلام عليكم، ماذا تفعلون؟! فيقولون: الله أكبر عليه! لا يأكلنا بعينيه! لا -يا أخي- أنت داعية! الداعية يدعو بهذا الأسلوب؟! أنت الآن إذا أرسلك أبوك تدعو شخصاً لغداء أو لعشاء، كيف تدعوه؟ تقول: الوالد يسلم عليك -وتبتسم- ويريدك أن تأتي لتتعشى عندنا إن شاء الله.

لكنك لو جئت إلى عنده وتقول: الوالد أرسلني ويقول: تتعشى عندنا ولكنك قلت ذلك بأسلوب فيه غضب وحدة وقلة احترام.

فسيرفض دعوتك ويقول: لا أريد عشاءك، ولا آتيك.

وإذا كانت الدعوة إلى أرز ولحم تحتاج إلى أسلوب، فكيف تريد أن تدعو شخصاً إلى الله وإلى دينه، تدعوه إلى أن يترك شهواته، ويتمرد عليها، ويستجيب لأمر مولاه، ويخضع لشريعة الله، وأنت تنهره وتغلظ عليه؟! بل ابتسم له وقل: السلام عليكم، كيف حالكم -يا إخوان؟ - طيبون؟! كيف حالك -يا أخي؟ - أنت زميلي في الدراسة! والله إني أحبك من تلك الأيام -ولو أنك لست صادقاً، ولا تحبه؛ ولكنك تحب أن الله يهديه-.

وبعد قليل: انظروا -يا إخواني- والله هذه الحياة فانية وسنموت.

ومباشرة انزل بهم في القبور، نعم؛ لأن القبر لا أحد يستطيع أن يماري فيه، كيف حالنا في القبر -يا إخواني؟ - القبر يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عنه أنه: (روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار).

اللهم إنَّا نسألك من فضلك يا رب.

أيها الإخوان: لِمَن تكون الروضة مِن رياض الجنة؟! ستجدهم هم بأنفسهم يجيبونك ويقولون: للمؤمنين، وللمتدّينين.

ولمن الحفرة مِن حفر النار -أيها الإخوان؟ - قالوا: نعوذ بالله! والله لا نريدها.

حسناً ما تريدونها؟! قالوا: نعم.

إذاً: لِمَ -يا إخواني- لا نطيع الله عز وجل؟! لِمَ لا نقرأ كتاب الله عز وجل؟! ما رأيكم؟! هل آتيكم كل ليلة وكل أسبوع وأنتم جالسون، أعلِّمكم آيةً أو حديثاً، وأمضي.

ماذا يقولون؟! يقولون: جزاك الله خيراً، إذاً السلام عليكم.

ولا تقعد، بعض الناس يقعد معهم إلى أن يغيِّر عليهم، وينكِّد عليهم، حتى يقولوا: والله لم نعد نريد أن نرى وجهه هذا؛ لأنهم ما جاءوا من أجل الذكر، هم جاءوا من أجل أن يلعبوا، ومن أجل أن يطربوا، وأن يسهروا، وأنت إذا جئت، فضع حبة العلاج هذه وامْشِ، ودعهم يلعبون؛ حتى تأتي مرة ثانية، وتضع علاجاً ثانياً، وثالثاً، ورابعاً، وخامساً، إلى أن يهديهم الله.

هذا هو الأسلوب، وليس هذا الأسلوب الذي أقوله فقط، بل هناك أساليب كثيرة، وإخواننا والحمد لله عندهم خبرات، وعندهم إمكانيات في قضية الدعوة؛ لكن من يقوم فقط؟ كل واحد يقول: نفسي نفسي! والدين مَن يدعو إليه أيها الإخوان؟! فأنا أقول: هؤلاء إخواننا، وفي ذمتنا، وفي عُهدتنا ومسئوليتنا، وكما أنقذنا الله، فينبغي أن نمد حبال النجاة لإخواننا حتى ينقذهم الله بأيدينا.