للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصايا على أبواب الاختبارات]

السؤال

تعلمون أن الاختبارات على الأبواب، فهل من دعوة للطلبة للتسديد والتوفيق؟

الجواب

نعم، ندعو الله الذي لا إله إلا هو أن يعين أبناءنا الطلبة وإخواننا على أداء امتحاناتهم، وأن يرزقهم النجاح في الدنيا والآخرة، ولكن نوصيهم: أولاً: بتقوى الله، فإن تقوى الله عز وجل أكبر معين على مذاكرة الدروس، يقول الله عز وجل: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ} [البقرة:٢٨٢] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد:٢٨] والشافعي يقول في بيتين من الشعر:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي

ومن أسباب عدم القدرة على هضم العلم المعاصي؛ فإن المعاصي تغلب القلب فلا يعرف العلم، فعليك إذا أردت أن يفتح الله بصيرتك، وأن يفتح الله ذكاءك، أن تكون طائعاً لله متقياً له، حافظاً لحدوده ومجتنباً لمحارمه.

ثانياً: على الطلبة تجنب الغش، فإن الغش حرام مهما كان، لو رأيت كل الصالة تغش فلا تغش: (من غشنا فليس منا) ويترتب على حرمة الغش حرمة الشهادة التي تأخذها، ويترتب على حرمة الشهادة حرمة الوظيفة التي تنالها؛ لأنه ما بني على الحرام فأساسه حرام، إلا من عمل هذا جاهلاً ثم تاب؛ فإن التوبة تجب ما قبلها، لكن تعملها وأنت تدري ثم تقول بعد ذلك: إذا نجحت من الامتحان تبت، لا، أنت تعصي الله على بصيرة والعياذ بالله! ثالثاً: ينبغي للطلاب بذل الجهد واستنفاذ طاقة المذاكرة، وعدم تضييع الأوقات، ووضع جداول وبرامج محددة، كأن تأتي بجدول الامتحانات أمامك، ويوم السبت الموافق: ٩/ ٢/ تبدأ بمادة كذا وكذا، والأحد كذا وكذا، والإثنين كذا وكذا، تضع جدول للمذاكرة قبلها بثلاثة أسابيع، الأسبوع الأول: أذاكر في يوم السبت المادة التي في يوم السبت، وفي الأسبوع الثاني أراجعها مرة ثانية، وفي الأسبوع الثالث أراجعها مرة ثالثة، ويأتي يوم الامتحان فتراجع المرة الرابعة، وإذا بها مطبوعة في ذهنك، لكن بعض الشباب يضيع الوقت إلى ليلة الامتحان، ثم يأتي يذاكرها مذاكرة واحدة فتتبخر، فيدخل الصالة وليس معه حرف واحد، فلا بد من المراجعة بالتكرار؛ لأن التكرار يؤكد المعلومة في ذهن الإنسان.

أيضاً احذر من السهر، فإن السهر الطويل الممل والمتعب خاصة في الليل، يأتي الشخص فينام ساعة ثم يذهب ليذاكر، فيذهب وهو مقفل (الموجات) نائم، وهذا مجرب، فعليك أن تذاكر في النهار كله وتذاكر جزءاً من الليل ثم تنام، وبعد ذلك تقوم وأنت نشيط قد ذهب منك النوم والكسل، فتؤدي الامتحان -إن شاء الله- بنشاط.

وبعد ذلك الحذر من تعاطي بعض الأشياء، التي نسأل الله ألا تكون في مجتمعنا، لكننا نسمع أن بعض الناس يتعاطون بعض الحبوب المسهرة، وهي نوع من الحبوب المخدرة، التي إذا تعاطاها ذهب منه النوم وجف دماغه، لكن بتعاطيها وقع في الحرام وربما يقع في الإدمان، ويقع في بؤرة المخدرات والعياذ بالله! بهذه الوصية نسأل الله تبارك وتعالى أن يعين أبناءنا وإخواننا، وأن يوفقهم للنجاح في الدنيا والآخرة، كما نذكرهم أن يتذكروا وهم في هذا الامتحان الرهيب يوم القيامة، ولا مقارنة بين الامتحانين؛ فالامتحان في الدنيا في بعض فصول الكتب، أما امتحان الآخرة ففي كتاب: {لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا} [الكهف:٤٩] زمن الامتحان في الدنيا ساعتان أو ثلاث ساعات، أما زمن الامتحان في الآخرة {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج:٤] الذي يدير الامتحان في الدنيا ثلة من البشر، لكن الذي يدير الامتحان يوم القيامة {مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦] وبعد ذلك نتيجة الامتحان في الدنيا إما أن تنجح أو دور ثاني وإما تسقط، لكن الامتحان في الآخرة إما الجنة وإما النار: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:١٨٥].