للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التثبيت بالقول الثابت في الدنيا والآخرة]

تأتيك آثار الإيمان بعد الموت، إذا كنت في سكرات الموت فإن الدنيا كلها ترفضك، والإيمان يقول: أنا معك، ويثبتك الله بالقول الثابت {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [إبراهيم:٢٧] لم يقل: يثبت التجار أو العظماء أو الأثرياء، وإنما يثبت الله الذين آمنوا في تلك اللحظات الحرجة، التي تزيغ فيها الأبصار من هول الموقف، والإنسان يرى ملائكة العذاب أو النعيم، وهو يعالج سكرات الموت فيثبته الله عز وجل فيقول: لا إله إلا الله، هذه الكلمة، وقد جاء في الحديث الذي في سنن النسائي وابن ماجة وأبي داود والترمذي بسند صحيح: (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) من يقولها عند الموت؟ الذي ثبته الله عليها في الحياة، وبعد ذلك تدخل القبر فيجعل الله قبرك روضة من رياض الجنة، ويثبتك ويلهمك حجتك، إذا سئلت: من ربك؟ قلت: ربي الله ما دينك؟ ديني الإسلام من نبيك؟ نبيي محمد صلى الله عليه وسلم، من الذي ثبتك وأنت في القبر؟ إنه الله {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم:٢٧] اللهم ثبتنا يا مولانا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة.

يوم القيامة يخرج الناس من قبورهم، والمعالم الكونية قد تغيرت السماء انفطرت والكواكب انتثرت، والبحار فجرت، والنجوم بعثرت، والشمس كورت، كل شيء متغير، يخرج الإنسان عارياً حافياً، حتى القطعة التي قطعت منه يوم ختن تعود له يوم القيامة، يبعثون عراة حفاة غرلاً بهماً غير مختونين، قد تعلقت قلوبهم بالله {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} [غافر:١٨]، القلب ليس ثابتاً قد ارتفع من مكانه {كَاظِمِينَ} [غافر:١٨] مكظوم من قلبه، انظر عندما تدخل الطائرة في مطب هوائي ثم تنزل، كيف سيكون حالك؟ تقول: هه هه! يرتفع قلبك من مكانه من الخوف، فهؤلاء ليس للحظة واحدة، بل طوال وقتهم في الموقف وقلوبهم مرتفعة، يقول الله: {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر:١٨].

في ذلك اليوم إن كنت من أهل الإيمان يظلك الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وتأخذ كتابك بيمينك؛ لأنك من أهل اليمين، وتوزن فترجح موازينك؛ لأن لك وزناً ولك قيمة، عندك توحيد وصلاة وزكاة وعمل، بعد ذلك ترد الحوض فتشرب شربة لا تظمأ بعدها أبداً، وبعد ذلك يقال لك ولأمثالك: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف:٧٠ - ٧٢].

هذه آثار الإيمان يا إخواني! ما رأيكم هل هي مفيدة وجيدة أم لا؟ هل إذا آمنت تخسر؟ والله لن تخسر شيئاً، ماذا خسرت؟! خسرت الزنا، وهل الزنا خسارة؟! لا والله، بل تركه كرامة، هل خسرت الخمر، وقلة الدين، وقطع الصلاة، وعقوق الوالدين، والمخدرات؟ هذه كلها محرمة؛ لأن الله لم يحرم شيئاً إلا وفيه ضرر، ولم يبح شيئاً إلا وفيه نفع، الخير كله في دين الله، والشر كله ليس في دين الله، فأنت رابح في الدنيا، ورابح عند الموت وفي القبر والحشر، ورابح يوم تدخل الجنة، لكن عندما تترك الدين أو تضيع من الدين ماذا ستربح؟ تغني، حسناً غني، وماذا بعد ذلك؟ أدخلوك النار، قم واترك الغناء، واعلم أنه ليس بديلاً يا أخي اتق الله! النعمة الحقيقية نعمة الإيمان.