للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحذر من اتباع الهوى]

احذر -يا أخي- من اتباع الهوى! اجعل هواك دائماً ومزاجك وفق شرع الله، قبل أن تتصرف لا تقل: يا هواي ماذا تريد؟! لا.

بل قل: يا ربَّ ماذا تريد؟ ماذا قال الرسول في هذه المسألة؟ ماذا قال الشرع في هذا الأمر؟ فإن قال شيئاً، فقل: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [البقرة:٢٨٥] ولا يسعك أمام أمر الله وأمام أمر رسول الله إلا أن تقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [البقرة:٢٨٥] {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:٢٨٥] هكذا المؤمن، لكن المنافق يقول: سمعنا، ولا يقول: وعصينا، الكافر هو الذي يقول: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} [البقرة:٩٣].

تقول له: حجب زوجتك.

يقول: صحيح؛ لكن قلوبنا نظيفة.

تقول: اعفِ لحيتك.

يقول: صدقتَ؛ لكن الإيمان في القلوب، وليس في اللحى.

تقول: لا تسمع الأغاني.

يقول: هذا والله صحيح؛ لكن والله إني أسمعها من هنا وتخرج من هنا.

ضيَّعتَ الشرع بـ (لكن) هذه، كل شيء يعمله بـ (لكن)، فإذا جئت إلى النار قل: لكن في ذلك اليوم، لم تعد معك (لكن)، فالله يقول: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور:١٥ - ١٦].

فاحذر -يا أخي- من اتباع هواك! يقول الله عز وجل: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} [الكهف:٢٨] إذا اتبع العبدُ مولاه انتظم أمرُه، وإذا اتبع العبدُ هواه انفرط، وعَبَّر الله عن أمره بأنه فُرُط، أي: غير مجموع، مشتت، مثل المسبحة إذا انفرط حبلها، كيف تكون؟! أتظل معك في يدك، أم أين تذهب؟! تتشتت، وتذهب كل حبة في أرض، وترى شيئاً، وتضيِّع شيئاً.

كذلك إذا كنتَ مجتمعاً على الشرع والدين، منتظماً مع الله، عينك وأذنك ولسانك وقلبك مع الله، رجلك تمشي في طاعة الله، يدك تبطش في طاعة الله، مع المسجد، مع الكتاب، ستمشي منضبطاً؛ لكن إذا لم يكن معك دين، وليس ثَمَّ إلا الهوى، فلا تدري من هو الذي أنت معه! مرة مع الشيطان، ومرة مع الشرق، ومرة مع الغرب، ومرة مع الأبالسة، ومرة مع المغنين، ومرة مع الشياطين، بمعنى: أنك لا تدري.

لماذا؟! لأن الأمرَ فُرُطٌ، {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} [الكهف:٢٨].

ويقول عز وجل: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ} [القصص:٥٠] أي: لا أضلَّ على وجه الأرض ممن اتبع هواه {بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص:٥٠] ظالم وأي ظالم! وضال وأي ضال! مَن يتبع هواه، ويترك أمر مولاه.