للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجدل والمراء والتعصب للرأي]

أيضاً: من صوره: الحوار والجدل والمراء والنقاش والتعصب، إذا وجدت إنساناً وهو جالس في مجلس من المجالس وهو طالب علم وجالس يتحفز إذا تكلم كأنه يضارب، ما بقي إلا أن يأخذ العصا ويضرب به فاعلم أنه مسكين ضعيف لماذا؟ لأن الحوار والنقاش إذا كان لله فإنه يكون -أولاً- بحثاً عن الحق لا انتصاراً للنفس؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن، وهو أولى الناس بها إذا وجدها، إذا ضاع عليك بعير ولقيه شخص لك ماذا تقول له؟ تقول له: جزاك الله خيراً أو تقول له: مالك ولبعيري؟ كان عليك أن تتركه.

شخص تباحثت أنت وهو فجاء الحق على لسانه ماذا تقول؟ تقول: جزاك الله خيراً، إنني أبحث والله عن الحق وما دام أنك وجدته قبلي الله يجزيك الخير، أنا أبحث عن الحق، والحق ضالتي، أنا أبحث عنها.

لكن إذا كان النقاش لغير الله تولدت الحساسات، وتولدت الخصومات، وتحفز الواحد، وانتفخت أوداجه، وبرزت عيونه، وارتفع صوته وقام، وما بقي إلا أن يضارب، تقول له: بالدليل يقول: لا.

هذه الآية الكريمة معناها كذا.

هذا الحديث.

قال: ما هو بصحيح، قال العلماء فيه غير ذلك؛ لأن هدفه الانتصار لنفسه لا الانتصار للحق.

وما موقفك أنت من هذا؟ إذا وجدت مجلساً مثل هذا فقم، وقل السلام عليكم، يقول المسلم: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص:٥٥] وبعد ذلك: هناك ثواب لك، يقول صلى الله عليه وسلم: (أنا كفيل ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً) والمجادلة يقول الله فيها: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢٥] ويقول: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت:٤٦] بالتي هي أفضل ليس بالمضاربة، والشافعي يقول: ما ناقشني عالم إلا غلبته، ولا ناقشني جاهل إلا غلبني.

قالوا: كيف؟ قال: العالم يناقشني بالدليل فأغلبه بالدليل، والجاهل يناقشني بالصميل وما عندي صميل؛ لأن ذلك لا يريد أن يغلبك غصباً فهذا من أسباب الضعف أن ترى الحوارات، وإذا رأيت واحداً ما بقي إلا أن يفتري على الله أوقفه؛ لأن الله عز وجل نهى عن سب آلهة الكفار رغم أن سبها طاعة لله، لكن حتى لا يسب الكفار إله النبي صلى الله عليه وسلم فقال الله: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:١٠٨] فأنت لا توصلها مع هذا إلى درجة تجعله يمكن أن يكفر فيرد آية أو حديثاً، وإنما قل: شكراً، جزاك الله خيراً وأنت على حق، ونسأل الله أن يهدينا وإياك إلى سواء السبيل، وقم.