للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الهجر فوق ثلاث ليال]

السؤال

تخاصمت أنا وأخي منذ عشرة أشهر، وقبل أيام قلائل نويت أن أقيم الصلح معه لما علمت ما في ذلك من فضل، ولكن اكتشفت أخيراً أنه يمارس العادة السرية، فهل إذا خاصمته ولم أكلمه بغضاً له لما كان منه هل يعرض عملي على الله يوم الإثنين والخميس؟!

الجواب

أولاً: لا يجوز لك أن تهجر أخاك، سواء شقيقك أو المسلم أكثر من ثلاثة أيام، والحديث صحيح في هذا: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ليال) وإذا هجر المسلم أخاه فوق ثلاث ليال فقد ارتكب محرما، ً وترتب على هجره عدم رفع عمله إلى الله عز وجل، أعمالك كلها ترفع يوم الاثنين والخميس، لكن الله عز وجل يردها ويقول: (دعوهما حتى يصطلحا) إلا عمل رجلين متشاحنين في غير ذات الله طبعاً، فأنت أخطأت في هجرك لأخيك مدة عشرة أشهر، ولكنك أصبت يوم أن راضيته وأصلحت ما بينك وبينه، إذ ينبغي على كل مسلم أن يصالح المسلمين ولا يبقى في قلبه على مسلم غيظاً، فتش أنت، وراجع نفسك لا تبق، اذهب وسلم عليه من أجل أن يقبل عملك عند الله تبارك وتعالى، واعلم أن أي تردد يحصل عندك من مراضاة المسلمين إنما هو من الشيطان، يريد منك أن تبقى حماراً يركب عليك حتى يوردك النار؛ لأنه يفرح أن تصلي ولا تقبل صلاتك، ويفرح أن تصوم ولا يقبل صيامك، ويفرح أن تقرأ القرآن ولا تقبل قراءتك، هو لا يريدك أن تفعل شيئاً، ولكن إذا فعلت وتعبت ولم يقبل، أحسن وأحسن عنده.

ولذا يأتيك من هذا الباب كيف تراضيه؟! كيف تصالحه؟! غير معقول هو فعل فيك هذه كلها نزغات الشيطان، استعذ بالله واذهب إلى هذا الأخ المسلم وأمسكه وقل: تعال، أنت ما أخطأت عليّ، ولو كان هو المخطئ، قل: أنت ما أخطأت علي الخطأ مني أنا، ولكن عفا الله عما سلف، سامحني سامحك الله، لا يجوز لي يا أخي أن أهجرك، ولا يجوز لك أن تهجرني سأموت وتموت، وتسامحا.

أما أخوك هذا الذي علمت أنه يمارس العادة السرية، فكيف علمت أصلاً؟! أريد أسألك كيف علمت؟! لأن الواحد يمارس العادة السرية بينه وبين نفسه، ما أحد يفعلها في السوق، وما أعتقد أن الواحد يعمل الجريمة ويعلم الناس، يمكن بلغك هذا الخبر وهو غير صحيح.

أولاً: انصح أخاك وبيّن له حكمها، وأنها حرام ولا تجوز فإذا قال: جزاك الله خيراً، انتهى الأمر فلا تقاطعه ولا تبغضه وتتخذ من حكم العادة السرية سبباً لبغضه لجذور تاريخية قبل عشرة أشهر، وتريد تلبسها بأنه بغض في الله، ما على الله حيلة، لا.

هذا أخوك راضه وصالحه وانصحه؛ فإن استجاب فالحمد لله وإن أبى فأمره إلى الله، ولا تبغضه؛ البغض كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وسيلة من وسائل الدعوة لا تصلح في كل حال، من الناس من إذا أبغضته ازداد ببغضك له معصيةً لله، هذا يحرم بغضه؛ لأنك لو ما أبغضته لبقي على حال معين.

مثلاً: واحد من أنسابك لا يصلي في المسجد -مثلاً- أو يسمع أغاني أو على معصية، ثم أنت أبغضته في الله، لماذا؟! لأنه يسمع الأغاني وبعد ذلك علم زميلك أو نسيبك ماذا؟! قال: والله لا يأتيك من أجل أنك تسمع الأغاني، قال: عجيب ويفعل بي هكذا، والله لا أصلي من أجله، هيا ماذا انتفعنا من بغضك؟! نقول: أحب فيه الجوانب الحسنة وأبغض فيه الجوانب السيئة، واكره عمله السيئ بقلبك، ولا تواده في معصية الله عز وجل، لكن متى تنقطع الصلة به إذا ترك الصلاة، وأصر على تركها هناك لا ينبغي؛ لأن الله يقول: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:٢٢] أما بغض من يقلع عن معصيته ببغضك له فواجب مثل بغضك لزوجتك أو ابنتك أو ولدك إذا أبغضته في الله؛ لأنه إن ارتكب معصيةً أثر بغضك عليه؛ لأن بغض الأب أو الزوج صعب على الولد والزوجة، فتسأل البنت تقول: لماذا أبي غضبان؟! أو لماذا زوجي غضبان؟! غضبان لأنك فعلت كذا وكذا، أما أن تسكت ولا تبغضها فتستمر في معصيتها يكون عليك إثمها.