للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة بمناسبة الامتحانات]

السؤال

ما الذي تنصح به الطلاب مع قرب موسم الامتحانات؟ وبم تنصح الآباء والأمهات؟

الجواب

أولاً: أنصح الآباء والأمهات والأبناء والبنات أن يتذكروا بالامتحانات الامتحان الرهيب الذي سوف نقف فيه بين يدي الله يوم القيامة.

تذكروا أيها الإخوة! أن المُمتحِن هو الله، وأن الكتاب الذي نمتحن فيه كتاب: {لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف:٤٩] وأن زمن الامتحانات الذي هو ساعة، أو ساعة ونصف، أو ساعتان، أو ثلاث ساعات سيكون ذلك اليوم يوماً مقداره خمسون ألف سنة، وأن صالة الامتحانات ليست مكيفة، وإنما في عرصات القيامة، تغلي فيها أدمغة العباد كما يغلي اللحم في القدور، فلنتذكر هذا الامتحان الرهيب ولنعد له من الآن، ثم إنه ليس هناك دور ثانٍ، إما نجاح وفوز وفلاح إلى أبد الآبدين، وإما رسوب إلى أبد الآبدين، لا يوجد تعويض بخسارة الآخرة، والله يقول: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:١٨٥].

أما ما ننصح به الشباب بخصوص الامتحانات: فأولاً: الاستعانة بالله، وإخلاص النية من أجل طلب العلم، فلا يكون طلبك للعلم من أجل الشهادة، أو من أجل الوظيفة؛ لأنه في الحديث: (من تعلم العلم ليماري به العلماء، أو ليجاري به السفهاء، أو ليبتغي به عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة) وليكن غرضك من هذا العلم أن تتزود به لمعرفة دينك، ولنصرة الحق أو الموقع الذي أنت فيه، وتستعين براتب الوظيفة على طاعة الله تبارك وتعالى.

ثانياً: أن تجتهد في ألا تغش؛ لأن الغش محرم والحديث في الصحيح: (من غشنا فليس منا) والغش كلمة عامة في كل شيء، والله أمرنا بالصدق، ونهانا عن الخيانة، والغش في الامتحان خيانة، والغش في البيع والشراء خيانة، والغش في العمل المهني خيانة، والغش في الورشة خيانة، فلا تكن غاشاً، والله أمرنا حيث قال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:٥٨] وما من خائنٍ إلا يوم القيامة تمثل له خيانته وغدرته لواء يعقد على استه ثم يُرمى بخيانته في النار والعياذ بالله، فأنت اتقِ الله لا تغش ولو حرفاً واحد.

ثالثا: نظم وقت المذاكرة بحيث تذاكر في أوقات مناسبة، وحذار من السهر ليلة الامتحان، هذا شيء مجرب وأنا صاحب تجربة ورجل تربية، عشت عشرين سنة مدرساً ومدير مدرسة وأعرف هذا، وعشت طالباً، إلى الآن لا زلت أعتقد وأنا في الدكتوراه أن ليلة الامتحان تحتاج للنوم المبكر، ذاكر من قبل لكن إذا جاءت ليلة الامتحان نم مبكراً لتستيقظ وذهنك متفتح ومرتاح، تذهب إلى الامتحانات فتأتي المعلومات كلها؛ لكن تسهر إلى الفجر ثم تذهب الامتحان فتطير المعلومات كلها، ولا تبقى معلومة، تحاول أن تتذكر وتبحث فلا تجد حرفاً واحداً، فإذا خرجت ورقدت وقمت وإذا بك تتذكر المعلومات، من الذي أبعد المعلومات؟ الإعياء والتعب والسهر، فلا بد أن تنام.

أما الآباء والأمهات فعليهم تهيئة الأجواء المناسبة للأبناء والبنات في المذاكرة وعدم إشغالهم بأي شيء، وأيضاً الرفق في قضية المذاكرة، بعض الآباء يُعقد ولده من المذاكرة، يأخذ العصا ويضربه ويقول له: ذاكر، والعصا عنده، وكلما رفع رأسه قال: ذاكر لماذا لا تذاكر؟ ثم يضربه، فهذه ليست مذاكرة، هذه مضاربة، حتى إن بعض الأولاد يوهم أباه أنه يذاكر، ولكنه لا يقرأ شيئاً بل يتمتم فقط، ولكن من أجل أبيه أو من أجل الضرب، فالمذاكرة ليست هكذا.

اختر أوقاتاً معينة للمذاكرة، ثم خلل هذه الأوقات بجزء من الفسحة واللعب، فإذا ذاكر نصف ساعة أو ساعة، فقل: ما شاء الله! خذ لك عشر دقائق تستريح خلالها انزل عند الباب تمشَ في الغرفة انظر من النافذة، المهم أن تعطيه شيئاً لكي يجدد نشاطه، وأنا والله أعرف أحد الأقارب سجن ولده في غرفة وأتى بالعصا، وتركه في الزاوية، قال: والله لا تقوم حتى تحفظ الدروس كلها، وكلما قام من مكانه ضربه، وعندما أتى آخر الامتحان أتى بالشهادة وإذا فيها ثلاث عشرة مادة راسب فيها.

قلت: جزاك الله خيراً والله ما قصرت في هذه المذاكرة مع ولدك، لو أنك تركته لرسب في واحدة أو اثنتين، لكن بالعصا رسب في ثلاث عشرة، يا ليتها واحدة أو اثنتين، لماذا؟ لأن المذاكرة لم تكن سليمة.

فلا نريد أن نعقد الأبناء من العلم بهذا الأسلوب الجاف والغليظ، وإنما بالتي هي أحسن، ثم بالمناقشة وخاصة إذا كنت تقرأ ناقشه، فليست المسألة مسألة حفظ فقط، إنما هي مسألة فهم، إذا فهم الدرس والمادة رسخت في ذهنه يأتي بها إن شاء الله، في الامتحان.