للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله تعالى: (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن)]

ثم يعرض الله تبارك وتعالى، ويلفت أنظارهم إلى مصارع الأولين من الأمم السابقة، فيقول عز وجل: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عليهم مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ} [الأنعام:٦] فماذا حصل؟ استمروا في المعاصي والذنوب قال عز وجل: {فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ} [الأنعام:٦] وهذه سنّة الله في إفناء القرون وإحيائها، يعني: اليوم يوافق في السنة (٢٩/ ٧/ ١٤١٥هـ) في يوم (٢٩/ ٧/١٥١٥هـ) بعد مائة سنة لن يكون على وجه الأرض من الموجودين أحد، إلا النادر البسيط الذين لا دور لهم في الحياة، يعني: يبدل الله وجه الأرض كل مائة سنة مرة، فإذا ولد شخص اليوم وبعد مائة سنة لا يزال موجوداً ماذا يعمل هذا الموجود بعد مائة سنة؟ هل يعمل شيئاً في الحياة؟ لا.

قطعة متاع مركونة في زاوية من الزوايا، كلٌ يقول له: نسأل الله أن يختم لك بالحسنى، يعني: نسأل الله أن يعجل بزوالك، الكل يدعون عليه، كأنه ميت.

يقول لي أحد الإخوة: أنه رأى شائباً يرضع كما يرضع الطفل الصغير، يعطونه طعامه في رضاعة، وتغير له الحفائظ كما تغير للصغير، لا يستطيع أن يمسك نفسه، كما قال الله عز وجل: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً} [الروم:٥٤] وهذا هو أرذل العمر الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله منه: (وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر) فأرذل العمر ألا يكون لك قدرة على عمل أي شيء، فلا حياة ولا قدرة ولا إمكانية، ترى نفسك عاجزة -نعوذ بالله من ذلك الوقت- نسأل الله أن يحسن خاتمة الجميع.

لماذا هذا التبديل لوجه الأرض كل مائة سنة؟! من أجل الابتلاء والامتحان، قرن يعيش ويكسب أو يخسر، وقرن يأتي، وهكذا إلى أن تنتهي الحياة بإرادة الله عز وجل بإفناء الناس جميعاً، وفصل الحساب، وإدخال أهل الجنة الجنة وإدخال أهل النار النار.