للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طريقة التوكيد بالقسم]

الأمر الثاني من أمور علاج الإيمان بالعبث: العلاج باليمين والقسم المؤكد: قال عز وجل في سورة التغابن: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي} [التغابن:٧] فلم يقسم الله تبارك وتعالى ولم يأمر نبيه بأن يقسم به في القرآن إلا في ثلاثة أماكن وعلى البعث فقط، هذه واحدة، قال الله: قل يا محمد: {بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن:٧] إذا كان يصعب عليكم -لأنكم ضعفاء- أن تخلقوا ذباباً فليس عسيراً على الله؛ لأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

ولقد تساءلوا وقالوا: كيف يعيد الأولين والآخرين؟ قال الكفار: يمكن أن يعيدنا نحن، ولكن أولئك الذين من القدم من عاد ونوح وآدم كيف يبعثهم الله؟ قال الله عز وجل: {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان:٢٨] فما خلقكم ولا بعثكم كلكم من أولكم إلى آخركم إلا كنفس واحدة، وقال عز وجل: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر:٥٧] يعني: أن السماوات وما أعد الله بها من العجائب، والأرض وما خلق الله بها من العجائب، أكبر من خلق الناس {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر:٥٧].

فالله تعالى يقول في هذه الآية: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن:٧].

والقسم الثاني: قال عز وجل: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ} [يونس:٥٣] يسألونك أحق هو؟ أي: هل البعث بعد الموت حق؟ قال: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس:٥٣] أي: البعث من بعد الموت {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [يونس:٥٣].

وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ:٣].

وفي سورة الذاريات يقول الله عز وجل: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} [الذاريات:٢٣] أي: البعث بعد الموت {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [الذاريات:٢٣] مثل ما أنك تتكلم حقاً ولا تنكر أنك تتكلم، فوالله إن البعث بعد الموت كذلك بقسم من الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [الذاريات:٢٣] هذا الأسلوب أو الأمر الثاني من أمور علاج العقيدة وتأصيلها في الإيمان بالبعث من بعد الموت.