للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إهلاك قوم نوح]

ما الذي أغرق قوم نوح حتى علا الماء رءوس الجبال، وما رحم الله منهم أحداً، حتى ولد نوح، يشفع نوح في ابنه فيقول: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} [هود:٤٥] أنت قلت لي يا رب: {فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ} [المؤمنون:٢٧] وهذا من أهلي فلماذا تغرقه؟ قال الله: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [هود:٤٦] كان يتصور نوح عليه السلام أن الأهل هم أسرته وأبناؤه، والله يعني بالأهل أهل العقيدة، فإذا كان ابنك كافراً فما هو منك ولا أنت منه: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود:٤٦].

حتى ذكر المفسرون: أن امرأة من قوم نوح كان معها رضيع -وهي كافرة- فلما جاء الغرق، ونزل الماء من السماء، وخرج من الأرض، يقول الله: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر:١١ - ١٢] حتى التنور الذي توقد فيه النار خرج منه الماء، يقول الله: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ} [هود:٤٠] كل مكان تتوقع أن يخرج منه الماء إلا مكان النار، ومع ذلك يخرج الله من مكان النار ماء، فالتقى ماء السماء بماء الأرض حتى غرق الناس، فكانت هذه المرأة قد صعدت على رأس جبل من أجل ولدها، فلحقها الماء وهي جالسة فقامت، ووضعت ابنها على رأسها حتى علاها الماء وعلا ولدها وأغرقهما جميعاً، ما الذي أغرقهم؟ المعاصي، كذبوا نوحاً وما آمنوا برسالته.