للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إهلاك قوم عاد]

ما الذي سلط الريح على قوم عاد؟ وعاد هي: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ} [الفجر:٧ - ٨] كانوا يسكنون في الأحقاف في حضرموت، وكانت قبيلة من أشد القبائل، كان الواحد منهم طوله مثل النخلة، لما بين الله مصرعهم قال: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة:٧] كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً بأيديهم، يده مثل (البوكلين) ينحت الجبل فيصنع منه بيتاً، وكانوا على الخمر والزنا واللهو، جاءهم هود عليه السلام، فدعاهم إلى الله عز وجل فكذبوه، فأرسل الله عليهم الريح، فتح من جهنم قدر منخر ثور -مثل الحلقة- سماها الله (عقيم) وعقيم أي: لا تترك أي شيء وراءها: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عليه إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات:٤٢] ولهذا يقال للرجل الذي لا يلد: عقيم، يعني: إذا مات فليس بعده شيء، لأن العقيم لا يعقبه أحد، كذلك هذه الريح إذا جاءت على شيء لا تترك شيئاً، وإنما تهلك كل شيء.

فلما جاءت الريح سوداء قالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف:٢٤] قالوا: هذا مطر، وهم على خمر وزنا ويريدون المطر، قال الله: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف:٢٤ - ٢٥] استمرت عليهم {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة:٧] كانت الريح تأتي إلى الواحد منهم فتقف عنده، ثم تلتف عليه وتحمله وتأخذه إلى عنان السماء فترمي به، فيهوي من السماء إلى الأرض ويتقطع قطعة قطعة والعياذ بالله بسبب ماذا؟ الذنوب والمعاصي! وما الذي سلط على ثمود قوم صالح الصيحة؟ صاح فيهم جبريل صحية قطعت قلوبهم في أجوافهم؛ لأنهم كذبوا وطلبوا من صالح عليه السلام أن يخرج لهم من صخرة عندهم ناقة، وكان غالب أنعامهم الإبل، فطلب صالح ذلك من الله، فأخرج الله لهم ناقة عشراء، قال: {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء:١٥٥] {وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ} [هود:٦٤] تشرب يوماً وأنتم تشربون يوماً، فقاموا وتمالئوا عليها فعقروها، فلما عقروها سلط الله تبارك وتعالى عليهم الصيحة: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ} [الحجر:٨٣] {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} [المؤمنون:٤١] قطعهم الله وأهلكهم والأسباب هي الذنوب والمعاصي.