للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وسائل الثبات على الالتزام]

مما ينبغي للشاب الملتزم أن يتعرف على وسائل الثبات حتى يثبت، وهذه ضرورية ومطلوبة جداً؛ لأن الحياة التي يعيشها الملتزم حياة كثيرة المطبات، كثيرة الحفر، فإذا مارسها وليس عنده وسائل تثبيت كلما جاء مطب أو حفرة؛ وإذا به يشد (صواميله)، فيستمر في الطريق، وإذا لم يكن عنده ما يشد به (صواميله) ترجه حفرتان أو ثلاث أو أربع ثم يسقط، نظراً لعدم وجود وسائل الثبات التي تعينه على السير في طريق الله.

ومن أهم وسائل الثبات: أولاً: تحديد الغاية والهدف، وهي رضوان الله ودخول الجنة والنجاة من النار، وأنت تلتزم هكذا تقول: لماذا ألتزم؟ من أجل دخول الجنة والنجاة من النار، إذاً في سبيل هذا الهدف وهذه الغاية أستصغر كل صعب، وأتحمل كل بلاء، وأصبر على كل تضحية، لماذا؟ لأن هدفي الوصول، هذا أول شيء.

الأمر الثاني: تحقيق أركان الإيمان على الحقيقة بقول اللسان، واعتقاد القلب، وعمل الجوارح، فإن الإيمان إذا خلا من واحدة من هذه نقص، وإذا نقص ذهب، فلا بد أن يكون إيمانك مبني على الحقائق الثلاث، قولٌ باللسان تظهره، واعتقادٌ بالقلب توقن به، وعملٌ بالجوارح تذعن وترضخ له، فيكون إيمانك صحيح وأصيل وقوي ومتين، لا تزعزعه الأحداث، ولا ترده المناسبات وإنما يثبت؛ لأنه حقيقي.

أيضاً من وسائل الثبات حضور مجالس العلماء، وطلب العلم، وسماع الأشرطة الإسلامية، واستماع إذاعة القرآن الكريم، وقراءة الكتب الإسلامية، والمداومة على العمل، وعدم الحماس الزائد، وهو الذي يعبر عنه العلماء بالغلو؛ لأن الغلو هو عملية ردة فعل، فإذا غلوت في جانب؛ كان على حساب الوسطية، فتمشي في الغلو ثم لا ترجع غلى الوضع الطبيعي، وترجع إلى الانتكاس؛ لأن من أسباب الانتكاس الغلو في الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن هذا الدين عميق فأوغلوا فيه برفق، فإنه لم يشاد الدين أحد إلا غلبه) فلا تتحمس الحماس الزائد للدين، وإنما اجعل حماسك منضبطاً بالكتاب، وبالسنة الشريفة.

أيضاً مجالسة الصالحين، هذا مثبت من مثبتات الإيمان.

البعد عن قرناء السوء.

قراءة القرآن وحفظه.

مراجعة كتب السنة وحفظها.

الحرص على مزاولة عمل أو دراسة.

ما دمت متلزماً احرص على العمل، أو واصل تعليمك، لماذا؟ لتثبت أن الالتزام مظهر عملي جاد، وليس مظهر فراغ؛ لأن بعض الشباب من يوم أن يلتزم يترك الدراسة ويقول: ماذا فيها هذه الدروس يا شيخ؟! فيها مشغلة وفيها منكرات، وفيها معاصي، أو عمل وضيفي، إذا كان عندك عمل أبدع فيه، كنت تأتي الساعة التاسعة، ولكن من يوم أن التزمت لا بد أن تكون منذ السابعة والنصف وأنت عند الباب، والساعة الثانية والنصف وأنت تخرج آخر واحد، تتواجد باستمرار، كنت وأنت غير ملتزم شاب مقصر في الدراسة مهمل؛ لكن بعد الالتزام أصبحت الأول، لماذا؟ حفظت وقتك، وشعرت بمسئوليتك، فتثبت على دين الله عز وجل.

الحذر من الذنوب ومن المعاصي فإنها تحجزك عن الله، وتردك عن طريق الله، وبالتالي تبعدك عن الالتزام.

ثم آخر شيء من وسائل الثبات: الدعاء، تدعو الله في كل وقت، وفي كل لحظة، وفي أماكن الاستجابة، وتقول: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:٨] وتقول كما كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك).

اللهم ثبت قلوبنا على طاعتك {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:٨].

اللهم احفظ لنا ديننا، وأمننا ونعمتنا واستقرارنا، ووفق ولاة أمورنا، وعلمائنا، ودعاتنا، ومشايخنا، وشبابنا، وشاباتنا، وجميع المسلمين وفقهم لما تحبه وترضاه، من الدعوة إلى دينك، وإلى مناصرة شريعتك، وإلى العمل بأحكام كتابك وسنة نبيك، إنك ولي ذلك والقادر عليه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.