للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب البطن]

الباب الخامس: البطن: وهي باب عظيم من أبواب دخول المحارم، وأكل الحرام من الربا، والربا من أعظم المنكرات وأكبر الكبائر، وهو موبقة، وما أذن الله بحرب صاحب كبيرة كما أذن بحرب صاحب الربا، قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه) وفي مسند الإمام أحمد يقول صلى الله عليه وسلم: (درهم ربا يصيبه الرجل أعظم من ست وثلاثين زنية في الإسلام) وفي سنن ابن ماجة قال صلى الله عليه وسلم: (الربا بضع وسبعون حوباً -أي: ذنباً- أدناه كأن ينكح الرجل أمه) -والعياذ بالله- فلا تأكل الربا، ولا تقبل الرشوة، فالرشوة حرام، قال صلى الله عليه وسلم: (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش) والرشوة معناها ضياع الحق وظهور الباطل، وفساد النظام، فإذا كانت المعاملة لا تمشي إلا بشيء من الحرام، أي: أن صاحب الحق لا يأخذ حقه إلا أن يدفع حراماً، وصاحب الباطل يأخذ الباطل بالحرام، فإنه ينعدم العدل، وتضيع الحقوق، وتنتهك الحرمات حتى إذا فشت فاحشة الرشوة فلا تقبلها واتق الله ولو كنت فقيراً، فوالله لأن تعيش فقيراً حتى تموت خير لك من أن تكون غنياً ومصيرك إلى النار.

ما قيمة الثراء: أتبني عمارة وتشتري سيارة وأثاثاً وتملأ الثلاجات وتسمن نفسك لجهنم؟ لا -يا أخي- إن لك أن تعيش فقيراً وتموت على إيمان وتقوى وخوف فيعوضك الله في الجنة التي فيها (ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر) أفضل لك من أن تأكل في لذة قصيرة عاجلة دنيئة، ثم تخرج منها وتتركها وتدخل النار فتعذب عذاباً لا يعذبه أحد من العالمين.

الرشوة فيها لعنة الله ورسوله -والعياذ بالله- وكذلك جميع أنواع الكسب المحرم، ومن ذلك: الخمور والمخدرات والدخان، والدخان نضيفه إلى الخبائث، ونبين حرمته وحكمه في الشرع؛ لأن بعض الناس يقول بأن الدخان ليس بحرام، اتصل بي شخص وقال: الدخان ليس حراماً، قلت: لماذا؟ قال: لا يوجد في القرآن أن الله حرم الدخان، قلت: سبحان الله العظيم! ثم ذكرت له الأدلة، فأجابني في النهاية بأن الدخان حرام.

قلت له: الدخان طيب أم خبيث؟ فسكت، قلت له: أخبرني.

فسكت، قلت: حسناً عصير البرتقال طيب أم خبيث؟ قال: طيب.

قلت: والدخان طيب أم خبيث؟ قال: لا.

ليس طيباً، قلت: إذن ما هو؟ قال: خبيث، قلت: أمتأكد من أنه خبيث؟ قال: نعم.

قلت: اقرأ قول الله في سورة الأعراف: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:١٥٧] فما دمت معترفاً أنه خبيث فهو حرام.

وحتى لو لم تعترف بأنه خبيث فقد اعترفت الشركة الصانعة بأنه خبيث، أي (علبة) من علب الدخان فإنه مكتوب عليها: تحذير رسمي: التدخين مضر بصحتك فننصحك بالامتناع عنه.

فما معنى هذا: هل معناه أنه طيب أم خبيث؟ إذا كانت الشركة الصانعة تقول بأنه يضرك، والذي يضر طيب أم خبيث؟ خبيث.

فكل صناعة تصنع يكتب عليها تاريخ صلاحية بداية ونهاية المصنوع، إلا الدخان ليس عليه صلاحية؛ لأنه فاسد من يوم أن صنعوه؛ مكتوب عليه يضرك من أول يوم.

وكل شركة تصنع صناعة ترسل معها دعاية لها إلا الدخان تصنعه الشركة وترسل دعاية ضده، وبعد ذلك أعلمك أن الدخان خبيث أم طيب، هل تستطيع أن تشرب الدخان في المسجد مع الفضلاء والعلماء؟ لا.

لكن إذا كانت إدارة رسمية ممنوع التدخين فيها، أين يدخن المدخن إذا لم يستطع أن يدخن في المكتب؟ أين يدخن؟ في الحمام.

طيب هل يستطيع أن يشرب أو يأكل في الحمام؟ فلو جاع وفي جيبه قطعة سندوتش، هل يستطيع أن يأكلها وهو على الكرسي؟ لا يستطيع أبداً؛ لأنه لو أكل في الحمام فسوف يطرش! كيف يأكل وهو في الحمام؟!! لكن لماذا يستسيغ الدخان وهو في الحمام؟ لأنه خبيث وفي مكان خبيث؛ ولأنه يدخن من فوق ومن تحت، فيجتمع الدخان على أحسن هيئة والعياذ بالله.

فشرب الدخان حرام؛ لأنه خبيث مفتر مضر، وإسراف وتبذير للأموال في غير حقها، ولأنه لا يبدأ عليه باسم الله، ولا يختم بحمد الله، والدخان حرام؛ لأنه يعلم صاحبه خصلة لا تليق بالإنسان، فإن الإنسان إذا أكل طعاماً وبقي منه شيء رفعه، أما الحيوان إذا أكل طعاماً وبقي منه شيء داسه بأرجله، وكذلك شارب الدخان إذا شرب الحبة وانتهى منها أين يذهب بها، يضعها في الأرض ويدوسها برجله، نعم.

يتعلم خصلة من خصال الحيوان -والعياذ بالله- فاحفظ بطنك -يا أخي- من هذه الخبائث.