للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب اليد والقدم]

الباب السادس: اليد: كفها عما حرم الله، فلا تبطش بها في حرام، ولا تسرق بها مالاً معصوماً، ولا تسفك بها دم مسلم، ولا تمدها على امرأة لا تحل لك، كف يدك؛ لأنك لو مددتها في الحرام دخلتَ النار عن طريق يدك والعياذ بالله من النار.

الباب الأخير: القدم: الخطوات؛ فلا تحملك قدمك إلى معصية الله؛ لأن كل خطوة مسجلة عليك: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس:١٢] أي: خطواتهم، فلا تحملك قدمك إلا إلى بيوت الله، وحلق العلم، ومجالس الذكر، وصلة الرحم، وبر الوالدين، وقضاء مصالحك الدينية والدنيوية، لكن لا تذهب برجلك إلى منكر، ولا تحملك قدمك إلى معصية، لا تذهب بها إلى مجلس زور ومكان فجور وممارسة منكر؛ لأنك عندما تخطوها فإنها تسجل عليك يوم القيامة.

فإذا استطعت أن تقيم بإيمانك حراسة على هذه الأبواب السبعة فأنت من أعبد الناس، ويتحقق فيك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتق المحارم تكن أعبد الناس).

ولكن -أيها الإخوة- لا تظنوا أن اتقاء المحارم يتم بشيء من اليسر والسهولة! إنه صعب يحتاج إلى جهاد، وإلى عناد وتربية للنفس، ومجاهدة ومحاربة للشهوة؛ لأن الشهوة تطغى، والمتع تسوق إلى الحرام، واللذائذ تقنع بالشر، ولكن عليك بمجاهدة نفسك؛ لأن الله تعالى يقول: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:٤٠ - ٤١] ويقول عز وجل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩].

وهذه المجاهدة لا تتم في بدايات الطريق، ولكن إذا علم الله منك صدق اليقين، فتح الله بصيرتك، ونور قلبك، وحبب إليك الإيمان وزينه في قلبك، وكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، وجعلك من الراشدين، هنالك تصبح الأمور سهلة، ويصبح أحب شيء عندك كلام الله، وأبغض شيء عندك الغناء، أحب شيء عندك يوم تنظر إلى المساجد وإلى القرآن، وأكره شيء عندك يوم تنظر إلى النساء، لماذا؟ لأنك عبد رباني، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي في صحيح البخاري يقول صلى الله عليه وسلم نقلاً عن ربه عز وجل: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها) فما معنى هذا أيها الإخوة؟ أن يكون الله سمعك الذي تسمع به، أي: لا تسمع ولا تبصر إلا ما يحبه الله، ولا تبطش بيدك إلا فيما يحبه الله، ولا تمشي بقدمك إلا إلى ما يحبه الله؛ لأنك عبد رباني.

أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجنبني وإياكم الفواحش والمحارم ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقنا للطاعات، ويحفظنا من كل سوء ومعصية.

والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.