للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان مسألة عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من الأخطاء]

السؤال

كيف نرد على من قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخطأ، ومثل ذلك قبوله الفداء من أسرى بدر، وصلاته على عبد الله بن أُبي بن سلول عندما مات؟

الجواب

الرسول صلى الله عليه وسلم أولاً: بشر {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف:١١٠] ولكنه بشر معصوم من الخطأ فيما يبلغ عن دين الله، فإذا وقع في شيء صحح الله خطأه، هو معصوم لا يخطئ في شيء مما يبلغ الناس من الدين، فإذا أخطأ وهذا نادر مثل قضية أسرى بدر، استشار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة فيهم، واختار رأي أبي بكر، فالله عز وجل أنزل القرآن ليصوب رأي عمر، وكذلك في قضية الصلاة على عبد الله ابن أُبي، صلى عليه الرسول عليه الصلاة والسلام حتى نزل أمر الله عز وجل بعد الصلاة عليه، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يخطئ، وإنما يبلغ عن الله، وإذا بلغ شيئاً لم يكن فيه عنده وحي من الله فهذا دليل على أنه اجتهاد منه، وحصل فيه شيء غير المراد الرباني صححه الله، هذا بالنسبة للتشريع وما يبلغ عن الله.

أما بالنسبة للأمور العادية، الأمور الحياتية، كونه يمارس أمراً من الأمور التي لا علاقة لها بالدين، هذه قد يقع منه ما يقع من البشر من الخطأ، مثل قدومه المدينة وهم يؤبرون النخل -يلقحون النخل- والرسول صلى الله عليه وسلم خبرته في النخل محدودة، لأنه جاء من مكة، ومكة بلد صحراوي ليس فيها نخيل ولا شجر ولا شيء، جاء المدينة، والمدينة بلدة زراعية ومشهورة بالتمور، فرآهم يؤبرون، فقال صلى الله عليه وسلم ليس تشريعاً وإنما كلام شخصي، قال لهم: لو تركتموه ربما حمل.

فتركوه، فلما جاء آخر السنة لم تحمل شيئاً؛ لأنه ما نقح، أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم فماذا قال؟ قال: (عودوا إليه ولقحوه، فأنتم أعلم بأمور دنياكم) فدل الحديث على أن هذا الأمر من أمور الدنيا لا من أمور الدين، أما ما كان من أمور التشريع والدين فإن الله عز وجل قد عصمه أن يبلغ الناس إلا الحق، اللهم صلِّ وسلم عليه.