للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طاعة الوالدين خطوة في طريق الاستجابة]

هناك مشكلة عند كثير من الطيبين وخصوصاً الملتزمين فتجده طيباً، ويصلي، ويصحب الإخوة في الله، ويذهب إلى الندوات، لكنه عاصٍ لأمه، هذا لا خير فيه، لأن من لم يكن فيه خير فيه لأمه لن يكون فيه خير للناس، هي أولى الناس بِبِرك، في الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام وقد سئل: (من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قيل: ثم من؟ قال: أمك، قيل: ثم من؟ قال: أمك، قيل: ثم من؟ قال: أبوك).

بعض الناس أولى الناس بصحابته زميله، فإذا دعاه زميله وهو جالس قفز كالحصان، وتدعوه أمه وهو جالس يرقد ما يريد أن يلبي لأمه أمراً، لا يجوز ذلك، فكن براً بها، طائعاً لها، منفذاً لرغباتها في غير معصية الله، قد تقول: إنها عاصية، تسمع الأغاني، ولا تصلي، فنقول لك: دورك هنا، من تريد أن يدعو أمك؟ هل تريد أن يأتي من الشارع من يدعو أمك إلى الاستقامة؟ إذا كنت عاجزاً عن دعوة أمك، فهل تريد أن تدعو الناس؟ عليك أن تدعو أباك وأمك أول الأمر، وقد يقول قائل: دعوت، ولم يستجيبوا، نقول: لا.

بل سيستجيبون لأنهم مسلمين وليسوا كفاراً، لكنك ما عرفت الطريق إلى قلوبهم، فعليك أن تدعوهم بغير منطق الأمر.

فبعض الشباب يدخل البيت صارخاً هذا حرام وهذا حرام ممنوع اقعدوا قوموا! فتقول أسرته: من أين أتانا هذا؟ من منذ أن اهتدى ما أراحنا في البيت يوماً والله ما ريحنا في البيت، لا يا أخي! هذا بيت ليس لك فيه أمر، إنما لك فيه الدعوة برفق فقط.

أولاً خذ نفسك بالكمال، أما أمك وأبوك وإخوانك فعاملهم باللطف واللين ثم قدم للبيت أكثر مما تأخذ، قد تقول: كيف؟

الجواب

في البيت رابط أربعاً وعشرين ساعة في البيت، لا تخرج إلا للصلاة وتعود، فإذا جاء أباك ضيفٌ إذا بك تصب القهوة، وإذا طرق الباب طارق إذا بك تفتح الباب، وإذا طلبوا منك مطلباً إذا بك تأتي به، ثم قدِّم خدمة لأمك، فإذا رأيتها تعمل في أي عمل شاركها فيه، كما لو كانت تكنس تقول لها: والله ما تكنسي هذه الغرفة أنا سأكنسها، واغسل الصحون فتقول لأمك: اليوم علي تغسيل الصحون، وتغسل الثياب في الغسالة وتقول: اليوم علي، أنا اليوم في البيت غداً أنا بمفردي، دعيني أتعلم، فماذا ستقول أمك؟ ستقول: بارك الله في ولدي هذا، منذ أن هداه الله وهو يغسل الصحون ويشتغل معي في المطبخ، تعتبر أمك الهداية أنك تغسل الصحون، فلما تأتي أمك وتقول لها: يا أمي ما رأيك فيما قمت به؟ فتقول: نعم أحسنت، والله يجزيك خيراً، لماذا؟ لأنك غسلت لها الصحون!! لكن بعض الشباب يدخل غرفته، وقد رتبت أمه غرفته، لعل لها نصف ساعة ترتبها، فإذا دخل كأنه عفريت يرجم المخدة هناك، والبطانية هنا، ثم يخرج ويتركها، وتدخل الأم وتقول: حسبنا الله! ما هذا الولد؟ حتى فراشه ما أراحني من ترتيبه، فتكرهه وتكره دعوته.

وإذا سألوه أين أنت؟ يقول: مع الزملاء لدي موعد وإذا دخل ألقى أوامر: افعل وافعل ولا ينفعهم بشيء؛ هذا يسيء بدعوته، ولا يمكن أن يستجيب له أحد من أهله، لكن باللطف، وبحسن العشرة، وبالمعاملة، وبالخدمة؛ يدخل الناس في دين الله أفواجاً.