للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأذلة للمؤمنين الأعزة على الكافرين]

فعليك يا أخي! أن تجعل همك الأول والأخير كيف تنال محبة الله عز وجل، وقد جاءت الأوصاف في الآيات الكريمة وفي الأحاديث النبوية تبين من هم الذين يحبهم الله عز وجل، فيقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [المائدة:٥٤] هذه صفاتهم: أذلةٍ على المؤمنين: رحماء، وأرقاء، ومتواضعين، ومتعاطفين كالعبد لسيده، وكالوالد لولده، لكن لمن؟ للمؤمنين وفي المقابل أعزة على الكافرين، أشداء كالأسد على فريسته، وكالعقاب على طريدته، لكن على من؟ على الكفار.

انظروا كيف الخلق؟ الإنسان ذو شخصيتين وهو مؤمن يحمل شخصيتين: شخصية الذلة والتواضع والرحمة والعطف والتسامح، وعدم الأخذ على الأخ، والتغاضي عنه والعفو عن زلته لكن للمؤمنين، أما على الكفار فأسد هصور لا يذل، لكن هل المؤمنون الآن في هذا الوضع؟! لا.

إلا من رحم الله، فهم -الآن- أعزة على المؤمنين وأذلة على الكفار ولا حول ولا قوة إلا بالله! هؤلاء لا يحبون الله ولا يحبهم الله.

من هم الذين يحبهم الله ويحبونه؟ {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:٥٤] لأنهم اتصفوا بهذه الصفات {وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:٥٤] بعد أن اتصفوا بهذه الصفات، لم يحبهم إلا لاتصافهم بها، ولم يعملوا هذه الصفات ولم يذلوا للمؤمنين ويعزوا أنفسهم على الكفار إلا لأنهم يحبون الله عز وجل: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه} [المائدة:٥٤] بالنفس والمال واللسان، لا تأخذهم في الله لومة لائم، هذه علامة صدق محبتهم في الله؛ لأن المحب الذي يخاف اللوم في محبوبه ليس بمحبٍ على الحقيقة، يقول:

أجد الملامة في هواك لذيذةً حباً لذكرك فليلمني اللَّوم

يقول: إذا لاموني أني أحبك فرحت وأجد الملامة لذيذة من أجل أن أتذكرك، ويقول:

إذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر أحياناً فننتكس

فذكر الله عز وجل أعظم شيء عند المؤمن حتى أنهم لا يخافون في الله لومة لائم، من يلومهم وهم في طاعة الله؟ لا يخشون أحداً إلا الله.

من الناس الآن من يخشى ملامة الناس في طاعة الله، يريد أن يطلق لحيته فيقول: الناس يلومونني عندما أطلق لحيتي، سبحان الله! أتخشى في الله لومة لائم؟ يريد -مثلاً- أن يلتزم بطاعة الله فيقول: الناس يلقبونني (مطوعاً) ويصنفونني في مكان! أتخشى في الله لومة لائم؟ يريد أن يقيم مشروعاً، يريد أن يغير منكراً، يريد أن يعمل عملاً صالحاً فيراقب الناس، هذا يخشى في الله لومة لائم، فهذا ليس ممن يحبهم الله، ولا ممن يحبون الله، فالذين يحبهم الله ويحبونه لا يخافون في الله لومة لائم، يخافون الله فقط، أما غير الله فلا يخشونه، ولا يخافون لومته؛ لأنهم يخافون الله ويخشونه ويحبونه، ويحبهم الله سبحانه وتعالى.