للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهل الإحسان]

وأيضاً يقول الله عز وجل: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:١٣٤] المحسن هو: الذي بلغ مرتبةً من مراتب الدين هي أعلى المراتب، فمراتب الدين ثلاثة: المرتبة الأولى: الإسلام.

والمرتبة الثانية: الإيمان.

والمرتبة الثالثة: الإحسان.

والناس يتفاوتون -فدوائر الدين والمكلفين هي خمس دوائر- الدائرة الأولى أوسع دائرة، وهي دائرة الكفار، والدائرة الثانية: دائرة المنافقين، والدائرة الثالثة: دائرة المسلمين، والدائرة الرابعة: دائرة المؤمنين، والدائرة الأخيرة: دائرة المحسنين، هذه لا يدخلها إلا قليل من الناس، وقد عرفها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فقال: (أن تعبد الله كأنك تراه) أي: أن تنكشف أمامك الحُجب، وتزول عن عينيك الحواجز والموانع، وتصبح تمارس العبادة كأنك ترى الله، تراقب الله كأنك تراه، تشعر برقابة الله عليك في جوف الليل وأنت ليس معك إلا الله فتمتنع عن المعاصي، تمر يدك على الإذاعة وتسمع أغنية كنت تتقطع لها وتحبها، وليس هناك من يراك أو يسمعك لكنك تعلم أن الله يراك، فتغلق (الراديو) وتزيل المؤشر منه خوفاً من الله، هذه مرتبة الإحسان، تمر في الشارع فترى امرأة متبرجة فاتنة وليس هناك من يراك لو نظرت إليها لكنك تعلم أن عين الله تراك، سئل الحسن البصري: بم نستعين على غض البصر؟ قال: [بعلمك بأن نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى المنظور إليه] فإذا تيقنت هذا وعرفت أن الله ينظر إليك غضضت بصرك خوفاً من الله، وهذا هو معنى الإحسان، وهذه درجته، فالله يحب المحسنين، والمحسن هو: الذي يمارس عمله على أحسن درجة من الأداء، محسن في صلاته، محسن في زكاته، تجد الرجل والرجل يصليان وبينهما كما بين السماء والأرض، وشخص قلبه بين يدي الله وآخر قلبه في الحمامات.

نعم.

بعض الناس لا يفكر في صلاته إلا في أقذر شيء، بعضهم يفكر في صلاته في الحرام، كيف يصنع؟ كيف يغني؟! وهو في الصلاة يخطط للمعاصي -والعياذ بالله- وهما يصليان هذا محسنٌ وهذا مسيء، وسمي مسيئاً بنص الحديث، المسيء في صلاته لما عجل فيها وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ارجع فصلِ فإنك لم تصلِ) بينما المحسن هو الذي يمارس أداء العبادة على أحسن قدر من الإتقان، ولهذا كتب الله الإحسان في كل شيء حتى في الذبح وأنت تذبح الذبح موت وليس إحساناً، فهو إساءة وموت، لكن أحسن فيه، كيف تحسن؟ أرح الذبيحة، وحد شفرتك، وأجهز عليها: (وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) هذا من الإحسان كما قال صلى الله عليه وسلم، فالله يقول: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:١٣٤] وأيضاً هذه الآيات منطوقها يتضمن مفهومها: أن الله لا يحب غير الصابرين، وأن الله لا يحب غير المحسنين.