للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحذر من المغالطات والفهم الخاطئ لبعض الأمور]

أنا قلت لكم: لا بد من أمرين: الأمر الأول: أن نتأمل كتاب الله وسنة رسول الله، لنعرف كيف رتب الله الجزاء في الدنيا والآخرة على العمل.

الأمر الثاني: أن يحذر العبد من بعض المغالطات، والخدع، والأماني، والأوهام، التي يزينها الشيطان ليخدعك بها؛ من أجل أن تعتمد على هذه الخدع وتترك العمل، فيغمسك إلى أذنيك في النار.

والله قد بين كما سمعتم، والرسول بين، أنه لا ينفع إلا العمل، واسمعوا آية في سورة آل عمران يقول الله فيها: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ} [آل عمران:٣٠] أي: من معاصٍ محضرة، لكن ماذا؟ {تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} [آل عمران:٣٠] أي: إذا جاء يوم القيامة والمعاصي أمامه يتمنى أن بينه وبينها أمداً بعيداً، لكنها ملاصقة له، بل على ظهره وكتفه، يقول الله: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ} [الأنعام:٣١] أي: ذنوبهم.

أين يحملونها؟ {عَلَى ظُهُورِهِمْ} [الأنعام:٣١] {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل:٢٥] أي: إذا كان هو داعية ضلال فيحمل أوزاره وأوزار كل من أضله فإذا كان مغنٍ؛ فيحمل وزر الغناء، وكل من ضل عن طريق الله بالغناء فأوزارهم على ظهره.

وإذا كان يبيع اسطوانات وأشرطة، فيحمل وزره ويحمل وزر كل من اشترى شريطاً من هذا الدكان.

وإذا كان يبيع أفلام الفيديو؛ فيحمل وزره ووزر كل من ضل بسبب أي شريط بيع من هذا الدكان.

وإذا كان يبيع الدخان؛ فيحمل وزر الدخان وكل من شرب (سيجارة) واحدة من هذا الدخان، يقول الله: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ} [الأنعام:٣١] وإذا كان يؤجر دكانه على صالون حلاقة، أو هو نفسه فتح مؤسسة واستورد الحلاقين، ونحن لا تنقصنا المعاصي حتى نأتي بشخص يجلد لحى المسلمين، ويسميه: صالون جنة النعيم، ورأيت مرة في أحد الإعلانات: صالون اللحية الغانمة، والله ما هي بغانمة، لحية تحت رجل الحلاق ما هي بغانمة، ولحية يكنسها الحلاق ما هي بغانمة، ولحية يضعها في صندوق القمامة ويدعو عامل البلدية ويقول له: اكنس هذه اللحى، ما هي بغانمة، أين اللحية الغانمة؟ هي التي تكون في وجهك، أما حين تحلقها عند الحلاق أو في الحمام وتذهب مع مياه التصريف فهذه ما هي بغانمة، ثم يقول: نعيماً.

الله لا ينعم عليك، نعيماً على ماذا؟ تحلق لحيتي وتأخذ مالي وتقول: نعيماً، لا.

إنه عذاب أليم -والعياذ بالله-.

فإذا فتحت دكان حلاقة أو أجرت على حلاق؛ فما من لحية تحلق هنا إلا وعليك إثم حلقها إلى يوم القيامة، ولو لحيتك ملء وجهك، ولكنك حلقت لحى المسلمين، وفتحت قلعة لمحاربة سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

فانتبه! ولا تعتمد إلا على العمل، يقول الله: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} [آل عمران:٣٠] فهي فوق ظهره وهو يقول: يا ليت المعاصي ليست معي، لكن لا والله، فقد كانت معك في الدنيا فهي معك في الآخرة، ولو أنك ابتعدت عنها هنا؛ لأبعدها الله عنك في الآخرة.

لكن ما دامت معك هنا فكيف تريدها أن تبتعد عنك هناك؟ لا.

فرفيقك رفيقك، وعملك عملك، إن كان عملاً صالحاً فهو معك، وإن كان سيئاً فهو معك، قال الله عز وجل: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:٣٠].

والمغالطات -أيها الإخوة- كثيرة، سوف أذكرها لكم باختصار: