للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المغالطة الرابعة: الاعتماد على الاستغفار مع المداومة على الذنب]

وهذا كما ورد: (المستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بالله) وأضرب لكم على هذا مثالاً: لو كنت واقفاً بسيارتك في ميدان، وجاء شخص من الناس وهو راجع إلى الوراء وصدم سيارتك من غير قصد، ونزل وأبدى أسفه واعتذاره، وتحمله لمسئولية خطئه، وقال: سامحني أنا والله لم أعلم ولم أر، ولم أقدر المسافة، فأنت بحكم أنك صاحب حق، بالخيار: إما أنك تعفو عنه، أو أن تطلب منه شيئاً من المال مقابل الخطأ الذي حصل منه، والأولى أن تعفو؛ لأنه غير متعمد.

لكن بعدما صدمك وتحركت أنت بسيارتك لحقك، وحين توقفت وعينه في عينك جاء صدمك في الباب الذي عندك، وبعد ذلك نزل إليك وقال: آسف يا أخي! أنا صدمتك هناك لكن -يا أخي- لحقتك وصدمتك.

هل تسامحه؟ بل تقول: لا والله أما هذه فلا أسامحك فيها.

ولكن يمكن أن تكون كريم أخلاق وتفوتها له أيضاً.

فإذا بك تمشي، ولما وقفت عند بيتك إذا به وراءك ويصدمك مرة ثالثة، فهل تنزل تضاربه؟ أم تقول له: شكراً؟ بل تنزل وتأخذ العصا من تحت المقعد وتضربه حتى يموت، وتقول: أنت قاعد ورائي صدمتني هناك، وصدمتني في السوق، وعند بيتي، تريد أن تذبحني يا عدو الله! لماذا؟ لأنها ثلاث مرات -ولله المثل الأعلى- فواحد يستغفر ويقول: أستغفر الله العظيم من الدخان ويمصها، فهل هذا مستغفر؟ هذا كذاب ومخادع، ومستهزئ بالله، لا بد أن يصحب الاستغفار الندم والإقلاع وترك الذنب والمعصية، أما المداومة على الذنب والاستغفار، وتقول: أنا أستغفر الله، وسوف أزني وأستغفر الله، وسوف أشرب الخمر وأستغفر الله، وسوف آكل الربا وأستغفر الله، فكيف يكون ذلك؟! فأقلع عن الذنب واستغفر الله من الذنب الماضي وداوم على الطاعة، هذا هو الاستغفار الحقيقي.