للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل نعمة الهداية]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونشكره ولا نكفره، ونخلع ونترك من يفْجُره.

اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفِد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجِدَّ بالكفار مُلْحِق.

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه، صلوات ربي عليه صلاة دائمة متتابعة ما تتابع الليل والنهار، وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد: أيها الإخوة في الله: الإيمان ولزوم طريق الإيمان نعمة يمن الله بها على من يشاء من عباده، ونور يقذفه الله عز وجل في قلب من يشاء من عباده، نعمةٌ لا ككل النعم، ونور يختلف عن جميع الأنوار، يقول الله عز وجل في وصف هذه النعمة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:٣] أي: ديني.

ويقول للرسول صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} [الفتح:١ - ٢].

ويقول عز وجل في سورة يوسف على لسان يعقوب: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [يوسف:٦] اللهم أتمم علينا نعمة الدين والإيمان والهداية؛ لأن الإنسان بغير دين لا معنى له، ولا قيمة لوجوده، بل هو سَعفة في مهب الريح، ذرة هائمة من ذرات هذا الكون، حشرة تافهة من حشرات هذا العالم، لكنه بالدين والإيمان والهداية عنصرٌ فريد، إنسانٌ كريم، الله أكرمه، أنزل عليه كتابه، أرسل إليه رسوله، بيَّن له الطريق، أعدَّ له الجنة، كرامات إثر كرامات، متى تستحقها؟ إذا سرت في الطريق، إذا رُزِقت نعمة الهداية.

نعمة الهداية نعمة تفسِّر لك هذه الحياة، وتقدِّم لك التفسير الحقيقي لِلُغْزِها، وتدلُّك على الطريق الصحيح الموصل إلى الله عز وجل، وتسكب في قلبك الأمن والطمأنينة والسرور والانشراح، وتطمئنك على المستقبل، وتبيِّن لك أن ما أمامك سيكون خيراً لك مما أنت فيه {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ} [فصلت:٣٠ - ٣١] لما كنتم أولياء لله كانت الملائكة أولياء لكم؛ لأن الملائكة توالي من والى الله، وتعادي من عادى الله: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ} [فصلت:٣١] منذ كنتم في الحياة الدنيا وفي الآخرة {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت:٣١ - ٣٢].