للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإعراض عن دين الله]

المعوق الثالث من معوقات الهداية: الإعراض عن دين الله:- فلا يُتَعَلَّم ولا يُعْمَل به، فتقول للمعرض: خذ هذا الشريط واسمعه، يقول لك: لا.

لن أسمع، أرجوك اصرفه، صاحب الشريط صدق كثيراً؛ لكننا إذا سمعنا الشريط فسيكون حجة علينا، ويكون علينا ذنب إذا سمعناه ولم نعمل به، فالأفضل ألا نسمعه ولا نعمل به.

انظر إلى الشيطان كيف يغويه! سبحان الله! يقول: إذا سمعنا الشريط وما عملنا به صار علينا ذنب، ولكن نتركه، لا نسمع ولا نعمل؛ لكي لا يكون علينا ذنب.

لا.

بل لكي يكون عليك ذنبان لا ذنب واحد، ذنب الإعراض وذنب الكفر، لكن لو استمعت فلعل الله أن يهديك، فما تدري، ربما في الشريط هذا خير، خذه -يا أخي! -، إذا عُرض عليك شريط إسلامي فخذه، وإذا رأيت كتاباً إسلامياً فخذه، وإذا سمعت بندوة إسلامية احضرها، وأقبل على الله.

أما الإعراض عن دين الله، لا يتعلمه ولا يعمل به، فهذا مانع من موانع الهداية، إذ لا يهدي الله عز وجل من هو معرض عنه، يقول الله عز وجل: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} [طه:١٢٤]، ويقول: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً} [الزخرف:٣٦] انظر، هذه واحدة بواحدة، اعرض عن ذكر الرحمن فسيسلط الله عليك شيطاناً، ثم إن الشيطان ماذا يفعل بك؟ هل يدلك؟ على الخير قال الله: (فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف:٣٦] أي: رفيقٌ وصاحب، ماسِكٌ لمقود سيارتِه يقوده، ثم قال: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} [الزخرف:٣٧] لن يهديك إلى الله، بل يضلك عن الله، ثم يقلب الموازين عندك، فيقول الله: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف:٣٧].

فيضللك الشيطان ويهديك إلى سوء الجحيم، ويقنعك أنك أنت الذي على الحق، وأن الذين على الحق هم على الباطل، فإذا انكشفت الأوراق يوم القيامة وزالت الحواجب، كل الحُجُب، قال: {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف:٣٨]، قال الله: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} [الزخرف:٣٩ - ٤٠] الأصم الذي لا يريد أن يسمع، والأعمى الذي لا يريد أن يرى، أتهديهما؟! {وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ * فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} [الزخرف:٤٠ - ٤٣] القرآن {إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} [الزخرف:٤٣ - ٤٤] سوف تُسأل يوم القيامة عن هذا الدين سواءً أحفظتَه أو ضيعته، أقبلت عليه أو أعرضت عنه.

فإياك إياك أن تعرض عن الله.

هذا هو المعوق الثالث، وهو: الإعراض، فكثيرٌ من الناس الآن تجد الرجل منهم جاهلاً أجهل من حمار أهله، وإذا قلت له: تعال نتعلم الدين، قال: يا شيخ! نعرف الدين.

هذا الشخص لا يريد أن يهتدي، لماذا؟ لأنه معرض، لا يريد أن يهتدي؛ لكن لو قلتَ له: تعال، هناك عشاء، أو كبسة، أو لعبة، أو عَرْضة، ويسمونها عَرْضة شعبية، فسيجيبك، ويتقفز من المغرب إلى الفجر، ويقفز ويرجع، ويقفز ويرجع، وما آخر القفزات هذه؟ لا شيء، يعود إلى البيت وقد تعب، ثم ينام.

لكن إذا قلت له: تعال إلى ندوة من ندوات العلم، وحلقة من حلقات الذكر، قال: نحن نعرف الدين، الدين يُسر، نحن أحسن من غيرنا، عَقَّدْتُم أنفسكم بالجلوس في هذه الندوات، وفي هذه الحلقات.

وأنت -أيها المعرض- ألست بمعقد، نعم، لقد أوقع نفسه في معصية الله -والعياذ بالله- وسوف يندم يوم يرى الحقائق ماثلة أمام عينيه، ويقول: {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر:٢٤].

هذا هو المعوق الثالث.

المعوق الأول: الزميل السيئ.

المعوق الثاني: اتباع الهوى.

المعوق الثالث: الإعراض عن دين الله، لا يتعلمه ولا يعمل به، بل أقبل -يا أخي- على الله، {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد:١٧] {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات:٥٠].