للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة في أهمية الخشوع في الصلاة]

السؤال

كيف أصبح خاشعاً في صلاتي؟

الجواب

الخشوع في الصلاة مهم جداً وعليه المعول في القبول، فإنه لا يكتب للعبد من صلاته إلا ما حضر فيها قلبه، صليت أربع ركعات حضر قلبك في اثنتين سجلت اثنتان واثنتان ما لك منها شيء، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: (يكتب للعبد في صلاته عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها) بعضهم لا يكتب له شيء من صلاته، فأنت حاول واجتهد أن تخشع في صلاتك، واعرف أنك وقفت في معركة مع الشيطان، وأن المعركة هذه مدتها عشر دقائق، والشيطان يجاهدك عشر دقائق ثم يتركك بعدها إلى الفجر، لكن قل: يا شيطان! لن تلعب علي، هي عشر دقائق أضبط نفسي ثم وسوس من بعد العشاء إلى الفجر، لكن الوسواس لا يأتي إلا في الصلاة، إذا أردت أن تتعشى الآن ووضعت السفرة أمامك هل يأتيك وسواس؟ لا تفكر في غير اللحم والأرز والعشاء أبداً، لكن قم صلِّ يأتيك الوسواس، لماذا؟ لأن الشيطان عدو يريد أن يسرقك ويسرق قلبك، وأن يتركك تقوم وتقعد وترفع وتسجد ومالك منها شيء، فلهذا ورد في بعض الآثار أن الشيطان يحرص على أن لا تصلي، فإن أبيت إلا أن تصلي وقف على رأسك عند الباب وقال لك عندما تدخل المسجد: والله لأخرجنك منها مثلما دخلت، يقول: أنت مشاغب، ليس مثل الذين قعدوا في المقاهي، وجلسوا عند نسائهم على الأفلام، ويتابعون الأحداث والمباريات، أنت عنيد لكن سأريك عملك، فإذا دخلت من هناك حلف أنه سيضيعك من صلاتك، فيدخل معك في صلاتك يذكرك العشاء والزوجة، ويذكرك المشاكل والعمارات، ويذكرك التجارات وكل شيء، أي شيء تبغاه يذكرك به في الصلاة، ثم إذا غيرت نفسك وإذا بك ما صليت ولا ذكرت شيئاً.

فعليك يا أخي أن تجند نفسك لمحاربة هذا العدو، وعلى المجاهدة له، ولذا شرعت التكبيرات، أول شيء لما تبدأ في الصلاة تقول: الله أكبر، هذه مدفع ضد الشيطان، وبعد ذلك سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم تدعو بعد ذلك وتقول: أعوذ بالله السميع العليم، وبوجهه الكريم، من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه، بسم الله الرحمن الرحيم، هذه استعاذة، ثم تقرأ الفاتحة ثم تقرأ سورة ثم تقول: الله أكبر، هذه مدفع ثانٍ، سمع الله لمن حمده، الله أكبر هذه مقرعة فوق رأسه، لكن بعض الناس يضرب بالمدفع لكن لا يصيب، شخص يصلي بجواري مرة من المرات وهو قائم يقول: التحيات لله والصلوات الطيبات، لم يعلم أهو قائم أم قاعد؛ نظراً لعدم خشوع قلبه في الصلاة أيها الإخوة! فلا بد من أن تعرف أنك في حربٍ مع الشيطان فلا توسوس في الصلاة.

حسناً، كيف؟ لا أستطيع أن أجيب على هذا، لكن هناك شريط لا أعلم هل وصلكم في الشرقية أم لا، اسمه: رسالة إلى المصلي، هذا موجود في التسجيلات، وهو عبارة عن مجموعة كلام لأخت لنا في الله، وللشيخ ابن القيم رحمه الله، وللإمام الآجري في كتابه: الخشوع في الصلاة، ومجموعة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، جمعت هذا كله وألقيته في أبها في درس بعنوان: رسالة إلى المصلي، وذكرت فيه أن الذي يريد أن يخشع في صلاته لا بد له من أمور؛ أمور قبل الصلاة، وأمور أثناء الصلاة وأمور بعد الصلاة، قبل الصلاة أشياء لا بد أن تأتي بها، إذا لم تأت بها ما خشعت، وأثناء الصلاة أشياء، وبعد الصلاة أشياء، إذا راعيتها فإن الله عز وجل سيعينك بإذن الله على أن تخشع، وبعد ذلك سينال منك الشيطان، رغم كل الجهاد فسيأخذ منك، لكن فرق بين من يأخذ منه الشيطان شيء، وبين من يأخذ منه الشيطان كل شيء، فمن البشر الآن الذين صلوا معنا المغرب لو عملنا امتحاناً الآن: ماذا قرأ الإمام في الركعة الأولى والركعة الثانية؟ لا أحد يجيب! اجعلوها بينكم وبين الله؛ لأنه يمكن أنا لا أعرف، وبعد ذلك أفشل، فاجعلوها بيننا وبين الله، الذي يعرف ما قرأ الإمام هذا صلى، والذي لم يعرف ما رأيكم لو سألنا العمود هذا الذي فيه الساعة، وقلنا: يا عمود! يا مسلح! ماذا قرأ الإمام؟ هل سيجيب؟ لا يعلم، وإذا أتينا بشخص من المصلين مثل العمود لكن عمود متحرك يمشي على رجلين وقلنا له: ماذا قرأ الإمام؟ قال: لا أعلم؟ فما الفرق بين العمودين؟ هذا العمود أحسن؛ لأنه أربعة وعشرين ساعة يصلي وذاك عشر دقائق وما حفظها، فنقول لإخواننا: الله الله في صلاتكم، اخشع في صلاتك وأحضر قلبك فإذا انتهت الصلاة فالحمد لله، تنتهي من الصلاة الساعة السابعة، ونبدأ الفجر الساعة الرابعة، من سبع إلى أربع تسع ساعات، أبعد ما في رأسك من وساوس كلها، ثم تعال إلى صلاة الفجر عشر دقائق، ثم اجلس من الفجر إلى الظهر، بين كل صلاة وصلاة خمس ست ساعات تسع ساعات ثلاث ساعات وبالرغم من هذا يسرق الشيطان صلاتنا، إذا سرق الشيطان صلاتك فقد سرق عليك أثمن ما تملك؛ لأن الصلاة كما يقول العلماء ثلاثة أقسام: ١ - هيكل عام.

٢ - روح.

٣ - وأثر.

الهيكل العام المنصوص عليه في كتب الفقه: أركان الصلاة، واجبات الصلاة، شروط الصلاة، سنن الصلاة، مستحبات الصلاة، هذه اسمها الهيكل العام.

والروح ما هو؟ الخشوع؛ إذا أتينا بهيكل لإنسان لكن ليس فيه روح هل له قيمة؟ لا.

والأثر هو أثر الصلاة في سلوكك، أثر الصلاة في حياتك هل تنهاك صلاتك عن الفحشاء؟ هل هناك إنابة وتلازم بين عبادتك ومعاملاتك، أم أنك كالذي يصلي وإذا كان في الدكان نظر إلى الحرام في الشارع إذا خرج، إذا وقف عند الباب وشاهد امرأة فتح عينيه، وكان قبل قليل يقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥] وإذا ركب سيارته شغل الاسطوانة والشريط على الأغاني، أين إياك نعبد وإياك نستعين؟! ولعله يرابي، فلابد أن يكون لهذه الصلاة أثر في تحديد سلوكك واتجاهك؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:٤٥].