للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العمل بالسنة]

السبب الرابع من أسباب نفاذ البصيرة: العمل بالسنة.

أعمال الإسلام تنقسم إلى ثلاثة أقسام: عمل قلوب، وعمل ألسن، وعمل جوارح، فعمل القلب هو: الإيمان والتصديق، وعمل اللسان هو: الإعلان والذكر والشهادة، وعمل الجوارح هي: الطاعات والفرائض التي نمارسها بجوارحنا، وهذه الأعمال تنقسم إلى قسمين آخرين: ظاهرة وباطنة، فالباطنة في القلوب، والظاهرة ما نعمله من أعمال يراها الناس؛ فلا بد أن نعمر هذه الظواهر بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فنصلي كما كان يصلي صلى الله عليه وسلم، فعليك أن تعمر ظاهرك بالسنة يعني: ظاهر عملك، ليس معنى ظاهرك يعني: المظهر الشكلي وإنما الظاهر العملي، (صلوا كما رأيتموني أصلي) ونحج كما كان يحج صلى الله عليه وسلم، قال: (خذوا عني مناسككم) ونزكي كما أمرنا صلى الله عليه وسلم، ونصوم كما شرع لنا صلى الله عليه وسلم، ونعمر حياتنا في كل شئون حياتنا على هديه ومنهجه، ومن ذلك المظهر الخارجي للمسلم، يربي المسلم منا لحيته اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب:٢١] من كان يرجو الله، من كان يرجو لقاء الله، من كان يرجو النجاة في اليوم الآخر فله في رسول الله أسوة حسنة، يعني: قدوة، والذي ليس له عند الله أمل ولا يرجو لقاء الله لا يتخذ رسول الله قدوة، فخير البرية أفضل من مشى على وجه الأرض هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أولى الناس بأن يكون قدوتك، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:٢١] {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر:٧] وقد أمرنا أن نعفي لحانا، والقضية ليست قضية شعر، لا.

القضية قضية انتماء وقضية اعتزاز وفخر وشعور بالعزة؛ لأنك تتبع وتنتمي وتقلد خير البشر صلوات الله وسلامه عليه، وبعد ذلك سنة نبوية ثابتة بأحاديث صحيحة، وإطلاقها واجب وإعفاؤها واجب وحلقها معصية، بل صرح العلماء بأن حلقها محرم، ومن أراد التأكد فليشتر شريطاً اسمه زينة الرجال جمع فيه الإخوة مجموعة من الكلمات للشيخ محمد بن عثيمين والشيخ صالح بن عبد الله بن حميد والشيخ عبد العزيز بن باز وبعض الدعاة، وذكروا فيها أحكام حلقها.

فنقول: اعمر ظاهرك بالسنة؛ لأنك ما إن تعمر ظاهرك بالسنة إلا ويحيي الله في قلبك الإيمان ويطلق بصيرتك، صحيح أنه شعر، لكن له أثر، هو لا يعبر عن شيء إلا عن انقيادك وخضوعك وإذعانك لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن تمردك عليه يشعر بأنك غير راضٍ، بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحى، يقول الله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:٩] انتبه ينطبق عليك: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣] نحن نؤكد على هذا الأمر في كل محاضرة لماذا؟ لأنها معصية ظاهرة، نلمسها في إخواننا المؤمنين، وليس معنى هذا أن اللحية كل شيء في الدين، لا.

هي شيء من الدين، وبعض الناس ما عنده لحية وعنده في قلبه إيمان مثل الجبال، ولا ينقصه إلا هي، وبعض الناس ليس في قلبه إيمان ومعه لحية، فهذه كلحية أبي جهل لا تنفعه.

لكن نطلب أن يكون الظاهر صحيح والباطن صحيح حتى يكتمل الإنسان في الخير إن شاء الله، وهذه سنة نبوية، ومعلم من معالم الرجولة، وقد ذكرت هذا في بعض المحاضرات، وقد سألني بعض الإخوان يقول: هل حلقها مباح؟ قلت: لا.

حلقها محرم وإعفاؤها واجب؛ لأن الشرع طلبه في أحاديث كثيرة (قصوا الشوارب) (أعفوا اللحى) (أكرموا اللحى) (خالفوا المجوس) (خالفوا المشركين) (وفروا اللحى) فالذي يحلقها هل أكرمها؟ لا.

إكرامها أن تبقى في وجهك، أما أن تحلقها وتجعلها تحت رجل الحلاق هل هذا إكرام لها؟! وبعضهم يقول: أنا لا أحلقها عند الحلاق أنا أحلقها بيدي، أين تحلق بيدك؟ قال: في الحمام، قلنا: ما قصرت، أهذا إكرام للحية؟ لا.

إكرامها إعفاؤها في وجهك، وأيضاً فهي معلم من معالم رجولتك يقول الله: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران:٣٦] هناك فروق بين الرجل والمرأة، ومن ضمن الفروق اللازمة، التي لا تتساوى المرأة بالرجل اللحية، شعر الرأس عند الرجل والمرأة هل هو سواء، شعر الجفون عند المرأة والرجل هل هو سواء، وهل شعر الحواجب عند المرأة والرجل سواء، وهل شعر الإبط عند المرأة والرجل سواء، وهل شعر العانة عند الرجل والمرأة سواء، وهل شعر الوجه عند المرأة والرجل سواء؟ لا.

عند المرأة ليس فيه شعر وعند الرجل شعر، لماذا؟ لا تصلح المرأة إلا بدون لحية، ولا يصلح الرجل إلا بلحية.

ما هو رأيك لو ذهبت إلى بيتك الآن ودخلت ولقيت امرأتك قد معها لحية ترضى أم تغضب؟ تقول: اذهبي عند أهلك، ما تقدر تعيش معها بلحيتها، لماذا؟ لأن الله خلقها متعة لك، وكذلك المرأة لا تريدك إلا بلحية.

وقد أجري استفتاء لـ (٤٠٠) امرأة في الرياض: هل تفضل الرجل ذا اللحية أم الرجل الحليق؟ كلهن بالإجماع قلن: نريد الرجل الملتحي، لكن المرأة المسكينة تضطر تحت وطأة الاضطرار والإذعان أنها تقعد معك.

وبعض الناس يقول: طيب أنا حليق وامرأتي معي ساكتة، ساكتة لأنها لا تستطيع أن تعمل أي شيء هل تطلقك؟ لكن لو معك لحية والله تنبسط المرأة؛ لأنها ترى فيك معالم الرجولة فهي تضطر أنها تصير أنثى، ولكن إذا لم تكن لديك لحية تجد بعض النساء تضطر أنها تكون الرجل حتى أنها تسير أمامه في الطريق وهو يأخذ الشنطة ويأخذ البنت وراءها، لكن لو معه لحية ما تقدر تسبقه أبداً بأي حال من الأحوال، حتى عند إشارة المرور إذا وقفت ترى أن بعضهم ينظر إلى السيارة التي بجانبه وهذا لا يجوز، فإذا كنت عند إشارة السير لا تنظر في السيارات المجاورة التي فيها عوائل؛ لأن هذا يؤذي الناس، لكن بعضهم ينظر وبعض النساء تكون كاشفة في السيارة، فإذا نظر إليها رجل حليق تنظر إليه، وإذا نظر إليها ملتحٍ ترفضه وتتغطى عليه؛ لأنها رأت إنساناً يختلف عنها، فاللحية معلم من معالم الرجولة ينبغي أن تعفيها وتعمر بها ظاهرك كما قال عليه الصلاة والسلام: (قصوا الشوارب) (أعفوا اللحى) (أكرموا اللحى) (أرخوا اللحى) فمن عمر ظاهره بالسنة في حلق رأسه، إذا حلق يحلق حلاقة عادية لا (تايسون) لأن اسمه في الشرع قزع والقزع منهي عنه، وهو حلق جزء من الرأس وترك جزء، كأن يحلق شعره من الجوانب ومن الخلف ويترك الشعر الذي في الأمام كما هو.

ويعمر ظاهره في لبس الثوب، وبالسواك، وبكل ما أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، إذا عمرت ظاهرك بالسنة أصبحت إسلاماً يمشي في الأرض، الناس الذين يرونك يرون الدين فيك ممثل، أنت تمثل الإسلام.