للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فتنة التكذيب بالبعث والنشور]

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد: فإن الإيمان بالبعث من ركائز هذا الدين، ومن أركان الإيمان، والحديث في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ وهو حديث جبريل عندما أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليعلم الصحابة أمر دينهم حين سأله عن الإيمان وأركانه، قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالعبث بعد الموت، وبالقدر خيره وشره من الله تعالى) ستة أركان لا بد من تحققها في عقيدتك أيها المؤمن، وإذا انهدم ركن من أركان الإيمان ذهب الإيمان.

والذين يمارون في البعث أو يشكون فيه فهؤلاء لم تدخل حقيقة الإيمان قلوبهم، بل ما زالوا يعيشون في الضلال، الذي هو الضياع وعدم معرفة الطريق، تقول: فلان ضال، أي: إلى الآن تائه لا يدري أين يتجه.

وفلان مهتدٍ، أي: عرف الطريق ولزمها، ولهذا يقول عز وجل: {أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} [الشورى:١٨] الذين يشكون في أمر البعث والنشور في ضلال بعيد؛ لأنهم إلى الآن لم يعرفوا الطريق الموصل إلى الله تعالى عبر أركان الإيمان الستة، ألا وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وبالبعث بعد الموت، وبالقدر خيره وشره من الله تعالى.

وقد ذكرنا في الماضي شيئاً عن البعث، واليوم سيكون الدرس عن أدلة البعث والنشور، ما هي الدلائل والبراهين التي نستطيع أن نثبت بها أن البعث والنشور كائن لا محالة؟ فإننا نواجه بالمكذبين، ونواجه بالضالين والزائغين عن صراط الله المستقيم، وربما يوردون علينا بعض الشبه، ولكن ونحن نعلم علم اليقين بالأدلة والقواطع والبراهين الساطعة على صدق إيماننا وعلى أدلة بعثنا بعد موتنا؛ نقف على أرضٍ صلبة، ونتيقن ونجزم أن من لا يؤمن بالبعث فهو ضالٌ ولو كان من كان، وأن من يؤمن بلقاء الله، ويؤمن بالبعث والنشور فهو المهتدي، يقول عز وجل: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:١١٠].

والتكذيب ليس جديداً في حياة البشر، فإن أمر البعث والتصديق به عقدة العقد، ومشكلة المشاكل عند أصحاب العقول المتحجرة، والقلوب القاسية، والنفوس الحيوانية الهابطة الذين يرون في الإيمان قيداً على شهواتهم وملذاتهم، وهم يريدون أن يعيشوا حياة البهائم بدون قيود وضوابط، وإنما يأكلون ويشربون ما يشاءون، ويسرحون ويمرحون وينامون ويسهرون كيف يشاءون، هؤلاء يتفلتون من ضوابط وقيود الإيمان بالتكذيب والعلل والشبهات الساقطة الذابلة الهاوية التي لا أساس لها من الصحة.