للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبالغة في طريقة الزواج وتكاليفه]

وأيضاً من العقبات: المبالغة في طريقة الزواج وتكاليفه، فجعل بعض الناس منه مشكلة المشاكل، يعني: ما تدخل هذه المرأة على هذا الزوج إلا وقد (طلعت روحه) المفروض أن الزواج يتم بيسر، بمجرد أن عرفت أن عند فلان بنتاً، وسألت عن دينها وعن دينه، تذهب وتتكلم معه مباشرة، وهو إذا سأل عنك ورضيك زوجاً لبنته ففي نفس اللحظة يقول: تعالي يا بنت، انظري هذا، أتريدينه؟ وأنت انظر إليها هل تريدها؟ ثم إذا حصلت الموافقة من الطرفين انتهى، متى تريد يا ولد؟ بكرة؟ تفضل بكرة تعال إن شاء الله، أحضر معك أباك، وأحضر معك اثنين أو ثلاثة من أقاربك ونحن عندنا جيراننا سوف ندعوهم، ونشترك في وليمة واحدة (شاة فقط) ونذبح هذه الشاة ونعلن النكاح على مستوى الأسرة والجيران والأقارب، وتفضل بعد العشاء تعش وخذ امرأتك واذهب، وانتهت المسألة.

لماذا نقيم الدنيا ولا نقعدها في الزواج؟ أول شيء عند الناس الآن عزيمة في الخطبة، إذا أتى يخطب قال: لا تأتني لوحدك لا تأتني إلا أنت وأبوك وجماعتك لأجل الناس يرون الرجال، وذهب فجمع ثلاثين أو أربعين رجلاً، ثم ذبح ثلاثة أو أربعة خرفان، هذا فقط في الخطبة.

وبعد الخطبة جاءوا يسألون، قالوا: نريد العقد، قال: العقد في العطلة، وجاء العقد قال: أحضر معك رجالاً ولا تأت لوحدك، وأتى له بثلاثين أو أربعين رجلاً، وخمسة أو أربعة خرفان، ثم الزواج، قال: الزواج نريده في قصر أفراح، أو نريده في فندق ضخم (خمسة نجوم) لماذا؟ قالوا: لأن بنت فلان فعلت كذا، فلابد أن نفعل هكذا، ونريد (شرعة) غالية لا نريد من هذه الرخيصة أو تستأجرها، نريد واحدة جديدة وغالية، بعشرين أو بثلاثين أو بخمسين ألف (بعض الشرع) هذه (الشرعة) التي شرعها الشيطان وما أنزل الله بها من سلطان، ثم نريد أيضاً مغنية، فلا بد أن تأتي لنا بمطربة، وأيضاً نريد للرجال مطرباً، ونريد لهم شعراء، ونريد (دقاقين ومزلفين) وكم تذبح وكم سوف تحضر؟ قال: سوف أحضر جماعتي كلهم؛ لأنه مسكين هذا المتزوج قد انقطع ظهره من هذه التكاليف، فيريد جماعته يفزعون، فيطبع (٢٠٠٠) كرت، قال: لعل يأتي منهم ولو ألف، قال: سوف أحضر جماعتي كلهم، وهذا يقول: ما دام سيحضرون كلهم وأنا سوف أعزم جماعتي كلهم، كم خروفاً سيبقى لنا؟ خمسون أو ستون؟ وفي إحدى المناسبات في الطائف ذبحوا مائة وثلاثين ذبيحة، ما ترك في السوق تيساً ولا خروفاً، ذبحها كلها، من أجل هذه البنت وهذا الولد، لماذا؟ لماذا تحدث أزمة على الناس؟ لماذا تضيق على المسلمين في مآكلهم ومشاربهم؟ ثم لما غلقوا الأكل طبعاً مائة وثلاثين ذبيحة كل ذبيحة على أربعة صحون؛ يعني ستمائة صحن أو أكثر، وقسمت في محلات أكل الناس يقول شخص من الذين حضروا: والله بعض الصحون ما عليها إلا واحد، ويقول: ولما انتهى الناس وخرجوا والصحون كثيرة يقول: جاءت (القلابيات) وحملوا اللحم والرز، وكانت (القلابيات) تدوس الصحون -صحون الرز والفواكه والخضروات ويرمى به في النفايات؟ أهذا يرضي الله سبحانه وتعالى يا إخوان؟؟ ومن أين هذه كلها؟ من ظهر المسكين، تحسب أنه سوف يدفع أبوه؟! لا.

قد أخذ حقه وهو في الرصيد، لكن ادفع، وإلا والله ما تخرج عليك، ولهذا يقولون: (العرس نزعة ضرس).

صدقوا، لكن عند من لا يقيم هذه الآداب الشرعية، أما المؤمن فلا.

وأخبرني من أثق فيه من المشايخ في الرياض عن رجل صالح، عنده ثلاث بنات رباهن تربية إيمانية وعلمهن، ثم أيضاً توظفن، فقال لهن: هل تردن الزواج الآن؟ قلن: الذي يأتيك يا أبانا هو يأتي لنا، فذهب إلى المسجد وتعرف على ثلاثة شباب في المسجد، واختارهم من المسجد، أخذ واحداً منهم وقال له: تعال! تريد أن تتزوج؟ قال: نعم والله أريد ذلك، قال: أنا عندي بنت تصلح لك، وأنا والله من حبك اخترتك لها، تعال انظر إليها، أخذه معه بعد المغرب وأدخله عليها، قال لها: موافقة؟ قالت: موافقة، وأنت موافق؟ قال: موافق، قال: الخبر عندك انتظر حتى يأتيك مني خبر ثانٍ، وأتى بالثاني في الليلة الثانية، وأتى بالثالث في الليلة الثالثة، انتهى، الثلاثة كلهم وافقوا، ثم قال لكل واحد منهم: تأتيني أنت وأبوك وثلاثة أو أربعة من جماعتك في ليلة الخميس، ووعدهم كلهم في ليلة واحدة، الثلاثة الأزواج في ليلة واحدة، وذبح خروفاً واحداً، وقسمه على صحنين، ودعا أخاه وأولاده وجيرانه، ثم بعد المغرب وإذا بهم يأتون، تجمعوا حوله يمكن ما يتجاوزون (٣٠) نفراً على الذبيحة، وبعد ما تعشوا جاء كاتب العقد وعقد للأول بـ (١٠٠) ريال، وللثاني بـ (١٠٠) ريال، وللثالث بـ (١٠٠) ريال، وأخذ الـ (٣٠٠) ووضعها في جيبه، ثم قالوا له: متى الموعد؟ قال: كل شيء يتم الليلة، يا فلان! أخذ الكبير منهم على الزوجة الكبيرة، قال: نعم.

قال: تفضل قرب سيارتك فزوجتك حاضرة، وذهب ودعا زوجته تركب معه، قال: اذهبوا في الفندق ناموا هناك، وفي الصباح تأتونا لطعام الإفطار، وإن أردتم أن تفطروا في الفندق فتعالوا نتغدى، وقال للثاني مثل ذلك، والثالث مثل ذلك، وذهب، وفي الصباح ما أتوا طبعاً، وأتوا في الظهر يتغدون وكانت حياتهم من أسعد الحياة، ولا تعب ولا أتعب نفسه.

بعض الآباء ما يزوج بنته حتى يمرض من التعب، من حمل الخيام والكراسي، والذبائح، والعزائم والكروت، ثم أخذوا بنته وخلوه لحاله، وتذهب المرأة تلك، بعض النساء تلحق بنتها ويقعد في الليل لوحده، يرتب الأمور التي قد خربوها في هذا الزواج، لا يا أخي الكريم! ما ينبغي هذا كله، المبالغات هذه كلها ما أنزل الله بها من سلطان، وبعضها حرام، جلب المغنيات، والسهر إلى آخر الليل، وإيذاء المسلمين، هذا محرم، أباح الشرع وسيلة من وسائل الإعلان للنكاح وهي الدف، والدف إطار مثل المنخل على وجهه جلد والوجه الثاني فارغ، تضربه الأمة ولا تضربه الحرة، وعلى غير إيقاع، ليس على أنغام ولكن ضربات فقط طخ طخ طخ، من أجل لو سمع الناس هذا الضرب قالوا: ما هذا؟ قالوا: فلان تزوج، ولهذا قال: (أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالدف) يعني للإعلان، مثل الجرس عندك في البيت الذي على الباب، أنت وضعت الجرس عندك لماذا؟ للإعلام أن هناك شخصاً يدق عليك، لكن إذا أتى واحد وقام يدق في الجرس بكثرة، تنزل عليه وتقول: تلعب أنت أم تدق جرساً؟ فنفس الشيء، الدف أبيح للإعلان للنكاح وليس للعب والرقص.

حتى قال العلماء: لا تضربه حرة، ولا يرافقه صوت، وإنما ضربات وإذا غنى الجواري الصغار بأبيات من الشعر فلا بأس، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم

ولولا الحنطة السمراء لم نسكن بواديكم.

أما الآن عود وكمنجة، وناي ومغنية، وكلام ساقط، وسهرات وأفلام وتسجيل وفيديو، ماذا بقي يا إخوان! أين أمة الإسلام، هذا لا يليق بنا نحن أمة الإسلام يا إخوان! نحن أصحاب رسالة، نحن أصحاب عقيدة، نحن خير أمة أخرجت للناس، فلماذا نتبع ونكون ذليلين، كلما عمل الكفار والغرب نعمل، نحن أمة رائدة، أمة قائدة، الأمم تبع لنا ولسنا ذيولاً للأمم الأخرى.