للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إن من علامة سعادة المرء استغلال الوقت]

السؤال

عام مضى وعام جديد فهل من كلمة حول هذه المناسبة؟

الجواب

نعم أيها الإخوة! وكنت أود أن يكون موضوع المحاضرة عن هذه المناسبة، لكن هذا الموضوع طرقته هنا في مدينة الرياض وأظن في هذا المسجد بعنوان: ميزانية نهاية العام، ولقد استمعت إلى هذا الشريط قبل فترة، ووجدت أنه لا يمكن أن آتي بمثله، ففيه من المعاني والعبارات ما لا يمكن أن آتي لأن الإنسان لا يمكن أن يبقى على حال واحد حتى في أدائه الدعوي، فإنه في نقص، وأقول: سبحان الله! كيف أتيت بهذا بالكلام ومن أين جئت به؟ لا أعلم، ولذا أقول للإخوة: اشتروا هذا الشريط، وليس دعاية لي؛ لأنه ليس لي من ورائه مال، والله لا آخذ على شريط شيئاً، لكن طمعاً إن شاء الله في الثواب، إذا أردت أن تشتري الشريط فاسمه (ميزانية نهاية العام) يعني: تقوم بمحاسبة وموازنة لنفسك، واعرف مكانك الإيماني، وأين أنت من الله؟ نحن قطعنا عاماً من أعمارنا، وودعناه بما استودعناه من عمل إما خيراً وإما شراً، وأعطانا الله فرصة جديدة ومد الله في أعمارنا، فهل نستغل هذه الفرصة ونصحح الوضع ونتوب إلى الله، ونمضي في الخط الصحيح، أم نستمر في الخطأ؟ لا.

إنّ تكرر الأعوام فيه إشارة وإنذار لنا من أننا في نقص، فأنت مجموعة أعوام، وأنت مجموعة أيام، كل عام يخرج جزء منك، إلى أن تنتهي أعوامك ثم تنتقل، مثل التقويم الذي ترونه معلقاً كم فيه من الورق؟ ثلاثمائة وخمس وستين ورقة، لكن كل يوم والمؤذن يقطع واحدة، إلى آخر يوم من أيام السنة، إذاً أنت مجموعة أيام كل يوم يمضي فهو منزع منك، يوماً يوماً، إلى أن تنتهي أيامك، وماذا يبقى؟ الجسد، فيذهبوا به إلى المقبرة، وبعد ذلك تجمع هذه الأيام التي قضيتها في الدنيا، فانظر ماذا عملت فيها فإن الملائكة تضعها في سجل، وإذا مت ودخلت القبر قالوا: خذ كتابك {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية:٢٩] قال الله: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً} [الكهف:٤٩] إن كنت صليت فستلقى صلاتك، وإن كنت قرأت القرآن فستجد قراءتك، وإن كنت دعوت إلى الله وجدت دعوتك إلى الله، وإن فعلت الخير تلقى الخير، تلقى أي شيء تعمله، وإن قلت شراً تلقى الشر: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً} [الكهف:٤٩] {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية:٢٩] ماذا كنت تعمل؟ اعمل خيراً تلقى خيراً، اعمل شراً تلقى شراً {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [القصص:٨٤].

إذاً ما دمت تعرف أنه لا ينفعك في الآخرة إلا عملك الصالح فإذاً لماذا تفرط، وتضيع عمرك في عمل غير صالح؟ إنا -أيها الإخوة- هذا العام فرصتنا أن نتوب إلى الله، فنصلح الماضي كله بالاستغفار والتوبة والندم، ونصلح المستقبل بالنية الصالحة والعمل الصالح، ونصلح الحاضر بمحاولة الاجتهاد في الطاعة والعمل الصالح.