للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الأمانة وعظمتها]

لأنه خلق المؤمن؛ حتى قال صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانة له).

للأمانة تعريف واصطلاح عند العلماء، تعريف عام، ويقصد بها: جميع ما استودعك الله عز وجل عليه، وائتمنك عليه وطلب منك حفظه من أمور دينك ودنياك، ومما يتعلق بما بينك وبين الله، وبينك وبين نفسك، وبينك وبين الناس، سواء كان الناس أقارب أو أباعد، كل هذا أمانة، وأنت مطالب بحفظها.

ولها تعريف خاص وهي: حفظ الودائع -مدلول خاص- أي شخص يضع لديك ودائع فلا بد أن تستأمن عليها ولا تخون، ومن هنا -أيها الإخوة- ندرك مدى عظمتها؛ إنها الدين كله.

فالأمانة هي الإسلام كله، ولهذا لما عرضها الله عز وجل على السماوات والأرض والجبال، أشفقن من حملها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً.

ظلوماً لنفسه إذا لم يحملها، جهولاً بعظمتها وأهميتها، ولذا تجد هذه الحقيقة في القرآن ماثلة في كثير من الناس؛ كثير من البشر يعيش عيشة البهائم، لا يتصور إلا أنه يأكل ويشرب وينام وينكح ويسهر ويسمع ويذهب ويأتي ولا همَّ له غير هذا، وما عرف أنه خلق في الدنيا للابتلاء والامتحان والقيام بهذه الأمانة أو غيرها، والله تعالى يقول: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا} [الكهف:٧] فلماذا زينة لها؟ من أجل أن يأكلوا ويشربوا؟ لا.

{لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الكهف:٧] ويقول عز وجل: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:٢] ويقول عز وجل: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ النَّارِ} [ص:٢٧] ويقول جل ثناؤه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:١١٥] وكثير من الناس مفاهيمه معكوسة ومقلوبة، لا همَّ له في ليله ونهاره إلا كيف يأكل؟ وكم يأكل؟ وماذا يأكل؟ وأين يذهب؟ وأين ينام؟ وماذا يصنع؟ وماذا يشاهد؟ وماذا يقرأ؟ فقط هذا مفهومه، لكن هل فكر أنه مسئول ومؤتمن على كل شيء في هذه الحياة؟ وسوف نتعرض بشيء من التفصيل لمدلولات الأمانة.