للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رمضان شهر تلاوة القرآن]

ومن أسرار الصوم ومعانيه: أنه شهر التلاوة للقرآن الكريم، فهو شهر القرآن؛ لأنه أنزل فيه، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:١٨٥]، فشهر رمضان شهر مذاكرة القرآن ومدارسته، وكثرة تلاوته، فاعرض نفسك على القرآن، (كان صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل في رمضان في كل عام مرة، إلا في السنة التي مات فيها عرض عليه القرآن مرتين) فالمطبق الأول للقرآن هو النبي صلى الله عليه وسلم، كما قالت: عائشة رضي الله عنها (كان خلقه القرآن)، ولكن الناس الآن يفهمون شيئاً آخر؛ يفهمون أنها التلاوة المجردة من التطبيق، فتجد الشخص يقول: ختمت القرآن مرتين، ختمت القرآن أربع مرات؛ ولكن هل وقفت على حدوده؟ إذا قرأت آية الربا فهل أموالك في البنوك الربوية؟ فإن قال: نعم.

فكيف يكون مالك في البنك الربوي وأنت قرأت قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:٢٧٨] لماذا لم تقف عندها؟ وكذلك هل تصلي مع الجماعة في أوقاتها، أم لا؟ هل عينك تنظر إلى الحرام؟ هل أذنك تسمع الحرام؟ هل لسانك يتكلم في الغيبة والنميمة والحرام؟ فاسأل نفسك فإنك تقرأ القرآن وكله أوامر ونواهٍ، فقف عند أوامر الله وحدوده، واعرض نفسك عليها، فإن كنت مطبقاً فالحمد لله، وإن كنت غير ذلك فتب إلى الله عز وجل.

فهذا معنى شهر التلاوة، أما أن تتلو القرآن وتكرر تلاوته مرة أو مرتين أو أكثر ولم تعمل بأوامره ولم تنته بنواهيه فلا؛ لأن الله عز وجل أنزل القرآن ليعمل به، فاتخذ الناس تلاوته عملاً، ولكن من فضل الله علينا أن الله جعل التلاوة عملاً بعد العمل به.

والقرآن يعذب صاحبه الذي لا يعمل به.

وعالم بعلمه لم يعملن معذبٌ من قبل عباد الوثن >