للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصنف الرابع: من يقضي ليله بالسهر على المعاصي]

وهذا يختص بكثير من الرجال، وهو الذي يقضي ليله في كثير من اللهو الباطل، إما بالسهر على مشاهدة أفلام الفيديو، قد قال لي أحد الإخوة: إنها تنشط في رمضان؛ لأن الناس لا يحبون التلفاز في رمضان؛ لأنه يصلي التراويح، وفيه أفلام فيها دين، والناس لا يريدونها، فلا يريدون التلفاز لأنه متدين، فينشطون على الأفلام، فتجدهم وقوفاً كالذباب على النجاسة على أفلام الفيديو، يشترون أفلاماً خبيثة ومسلسلات ونساء وأشياء لا ترضي الله تبارك وتعالى، يشترونها ويقضون ليالي رمضان التي هي ليالي القنوت والتهجد والمغفرة والقرب من الله يقضونها، في هذا الأمر والعياذ بالله.

وبعضهم يمكث في المقاهي، يخرج من بعد العشاء فيجلس إلى السحور، فكل وقت ينادي: افعل حجر يا ولد! إذا سألته، قال لك: أُعَمِّر.

تظن أنه يعمر عمارة، فتراه يدمر لا يعمر، فيدمر ماله وصحته، فيعمر الشيشة، يسمونها عمارة وهي دمارة -والعياذ بالله-، وعلى الدخان والأفلام والأغاني مرتفعة في المقهى، وعلى الألعاب: الكيرم، والضومنة، والمينبول، والنرد، والشطرنج، والبلوت، فيضيعون أوقاتهم فيقومون كأنهم قاموا على جيفة حمار، وهذا حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: (ما اجتمع قوم في مجلس لم يذكروا الله فيه إلا قاموا على مثل جيفة حمار) المجالس إذا اجتمعت على جيفة حمار ثم تفرقت، انظر كيف وجوهها ومخالبها، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: (ما جلس قوم في مجلس لم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم حسرة وندامة يوم القيامة).

فهل تعمر ليالي رمضان بمثل هذه التراهات والخزعبلات؟!! فأنت رجل عاقل في الأربعين أو الخمسين، رجل مرموق، رجل بمنصب عالٍ وتضيع وقتك مع زملائك بدلاً من أن تقول: آتوني بكتاب الله، آتوني بـ رياض الصالحين، بـ صحيح البخاري، آتوني بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، هيا نزور أخاً في الله، أو نزور عالماً من العلماء، أو نجلس مع أهلنا وننبسط معهم، وبعض الرجال لا يعرف زوجته في رمضان ولا يعلم عنها شيئاً، من أول ما يتعشى يذهب ويلعب (البلوت) إلى السحور، فاثنان يقومان واثنان يجلسان.

هذا عمل أطفال وليس عمل رجال، ولو رأيت ولدك يلعب بالمكعبات البلاستيكية يعمل له عمارة فلا تستغرب منه؛ لأنه يلعب، ولو رأينا الكبير يبني له عمارة بالبلاستيك ما رأيكم، نضحك عليه أم لا؟ إذا قيل له: ماذا تفعل؟ قال: أعمر لي عمارة بهذا البلاستيك، نقول: والله إنك أخبل! وإذا وجدنا معه لعبة طيارة أو سيارة وهو يلعب بها، فإذا قيل له: ماذا تفعل؟ قال: أتسلى.

فأقول: التسلية بالسيارات والألعاب أسهل من التسلية بالبلوت؛ لأن هذه الأوراق أصلاً اخترعت للأطفال من أجل تسليتهم، أما الرجل فلا يوجد عندهم وقت، ولذا يقولون: إن أعظم قاتل هو قاتل وقته وحياته، فهذا عمرك تضيعه! سبحان الله! الله خلقك للعبادة وأنت تلعب! يقول الله في الحديث القدسي: (ابن آدم! خلقتك لعبادتي فلا تلعب، وتكفلت لك برزقك فلا تتعب).

الله خلقك للعبادة، والعبادة: هي كل ما يحبه الله ويرضاه.

ليست الصلاة والصوم فقط، فكل شيء يحبه الله عبادة، حتى جلوسك مع أهلك عبادة؛ لكن تترك أهلك لمصالحك وسهرك على المعاصي، وبعض الموظفين ينام على الطاولة؛ لأنه سهران طوال الليل؛ لكنه لو كان نائماً طوال الليل لأتى الصباح يداوم وهو مرتاح.

فكثير من الناس ينام في النهار؛ لأنه لا ينام في الليل.

فنقول لإخواننا الذين هم من الصنف المضيع: اتقوا الله في أوقاتكم، واقضوا ليالي رمضان فيما يعود عليكم بالنفع؛ إما دنيا أو آخرة.