للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة لمن ابتلي بالعادة السرية]

السؤال

يقول: أنا شاب مبتلى بالعادة السرية ولا أستطيع الزواج فماذا أفعل؟

الجواب

استعف -يا أخي- فإذا لم تستطع الزواج فعليك بالعفة؛ لأن الله يقول: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:٣٣] ما أمرك الله أنك إذا لم تستطع النكاح أنك تنكح يدك، لا؛ والعادة السرية وهذا من تلطيف اسمها، أما اسمها في الشرع فهو نكاح اليد، وهي محرمة ولا تجوز، وأدلة تحريمها كثيرة جداً منها في القرآن الكريم يقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المعارج:٢٩ - ٣٠] أي: الأمة التي يملكها الإنسان {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ} [المعارج:٣٠ - ٣١] وتدخل العادة السرية في وراء ذلك {فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ} [المعارج:٣١] أي: المعتدون المتجاوزون لحدود الله.

وفي الصحيحين يقول عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة -أي: النفقة والزواج- فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم) ما قال: فعليه بيده، ولو أنه يجوز لبينه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولو أنه جائز وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لكان هذا من كتمان الرسالة، ومن عدم إكمال الدين، لكن الرسول ما أمر إلا بالصوم، بالإضافة إلى الآثار التي وردت: (أن ناكح يده ملعون) (أن ناكح يده يبعث يوم القيامة ويده حبلى له)، وأنه ما من حيوانٍ منوي يخرج عن طريق الاستمناء باليد إلا تحمل به اليد لكن آثار الحمل لا تظهر إلا يوم القيامة.

فهذه مصيبة عليك -يا أخي المسلم-.

فنقول لك: عليك أن تتوب وأن تلتجئ إلى الله عز وجل وهناك وسائل تعينك على العفة: أولاً: الإكثار من قراءة القرآن وذكر الله؛ لأن الاستمناء يأتي عن طريق وسوسة الشيطان، فإذا أكثرت من الذكر لله وقراءة القرآن خنس الشيطان.

ثانياً: عليك أن تمارس عملاً مهنياً حتى تستنفذ الطاقة؛ لأن عندك طاقة فاستعملها في عمل بدني، إما في عمل مع أبيك، أو في تجارتك، أو في مزرعتك، أو في رياضة، حتى لو فعلت لك في البيت عقلة أو أتيت بأثقال حتى تفنى، فإذا تعبت فاذهب ونم فلن تفكر في شيء وسوف تنام سريعاً.

ثالثاً: لا تكثر من الأطعمة المهيجة للجنس ما دمت عزباً، كل قوتاً خفيفاً لكي تعيش، إلى أن تتزوج، فإذا تزوجت فكل؛ لأن معك امرأة، لكن تكثر من الطيبات، وليس معك امرأة أين تذهب؟ تعود إلى يدك، هذا ليس جيداً، دع الطعام ولا تأكل إلا الأشياء الخفيفة، لكن تأكل من العسل والبر والسمن والشحم واللحم والمغذيات هذه لا تصلح لك، اتركها حتى تتزوج إن شاء الله.

رابعاً: لا تنظر إلى الأفلام والمسلسلات، ولا تنظر إلى النساء في الشوارع، ولا تقرأ قصص الغرام والجنس؛ لأن هذه تُذكي فيك الغريزة وتهيج فيك الجنس.

خامساً: إذا أويت إلى فراشك فلا تأتي إلا وأنت تريد أن تنام، من أجل أن تضع رأسك وإذا بك نمت، لكن تأتي وليس فيك نوم وتقعد تتقلب فيأتيك التفكير في هذا الأمر، كيف تصنع؟ اقعد اقرأ في القرآن، اقرأ في السنة، اقرأ في التاريخ، احفظ أبياتاً من الشعر، فإذا تعبت من القراءة قم وصلِّ ركعتين، وإذا جاء الشيطان دفعته بركعتين، والله لن يأتيك أبداً، أحد الإخوة قلت له هذا الأمر يقول: والله فعلتها وما أتاني أبداً؛ لأنه وسواس، كلما جاء الشيطان فعلها يقول: حتى مات مرة واحدة.

سادساً: اسأل الله العفة -نسأل الله العفة- جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عنده شهوة وجنس يريد النساء فقال: (يا رسول الله! آمنت بك وصدقت ولكن ائذن لي في الزنا) يريد رخصة تصريح في الزنا، فالصحابة استغربوا هذا السؤال الذي لا يعقل، كيف يأذن له في الحرام؟! وكل واحد منهم يضع يده على السيف ينتظرون الإشارة لقطع رأسه، فالنبي صلى الله عليه وسلم هدأ روع الرجل وقال له: (تعال أدن مني، ولما دنى قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا.

-الرجل لا يحبه لأمه- قال: أتحبه لبنتك؟ قال لا.

قال: أتحبه لأختك؟ قال: لا.

قال أتحبه لزوجك؟ قال: لا.

قال: والناس كذلك لا يحبونه لأمهاتهم ولا لأزواجهم، ثم وضع يده على صدره وقال: اللهم طهر قلبه، وحصن فرجه، واغفر ذنبه) هذه ثلاث دعوات والحديث في الصحيح قال: (اللهم طهر قلبه، وحصن فرجه، واغفر ذنبه، ثم قام الرجل يقول: فوالله إنني قمت وليس في الدنيا أكره عندي من الزنا) وهذا مجرب.

عليك دائماً أن تقول في الدعاء: اللهم طهر قلبي، وحصن فرجي، واغفر ذنبي، حتى يحصن الله فرجك -إن شاء الله- من كل شيء، ويطهر الله قلبك من النظر، انتبهوا لا أحد يتساهل ويقول: النظر بسيط، أول شيء تنزلق فيه إلى الزنا العين، ولهذا لما تغضها تستريح، قال الله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور:٣٠] وحين تزل بك القدم في النظر لن تبقى على العين فقط، ستستمر سنة وسنتين وأنت تنظر وبعد ذلك؟ ينقلك الشيطان إلى الثانية وهي: الكلام، والتليفون، وبعد ذلك تقعد على المكالمات فترة، ثم ينقلك الشيطان يقول: إلى متى هذه المكالمات فإنها لا تنفع؟ ثم موعد ولقاء وزنا ثم جهنم، لكن لو أنك أقفلتها من أول باب من عند العين ارتحت، ولهذا ليس في الدنيا أسعد قلب ولا أريح بال من المؤمن الملتزم الذي يغض بصره ولا يرى شيئاً، كلما رأى امرأة، غض بصره وذهب البيت ونظر إلى امرأته ملكة جمال، وإن كان ليس عنده امرأة صبر حتى تأتيه امرأة، لكن الذي لا يغض بصره في النساء يرى أصناف النساء وبعد ذلك لا يقدر أن يصبر عليهن كلهن، فيتقطع قلبه ويقول:

وأنا الذي جلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل؟

وإنك إن أرسلت طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر

ثم إذا عندك زوجة وذهبت البيت ونظرت إليها وقد نظرت إلى أحسن منها، فتنظر فيها أنها قبيحة، فمن حين تدخل تعمل مشكلة معها ولا تسلم، لماذا؟ لأنك رأيت امرأة في الخارج جميلة، وتقول: ما هذه المرأة القبيحة؟ فيأتي إليها الشيطان ويقول: هذا الذي لا يسلم لماذا لا تأخذي رجلاً أحسن؟ وتذهب تبحث عن رجل يسلم، وتصير الحياة تعيسة بسبب إطلاق النظر، لكن لا تنظر إلا إلى امرأتك، فإذا لم تر إلا هي ترى كأنها ملكة جمال الدنيا؛ لأنك لا ترى إلا زوجتك، ولهذا قال الله: {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور:٣٠].