للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله]

ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: إفراد الله بالعبادة فلا يعبد معه غيره، فقائلها يعلن البراءة من كل معبود سوى الله، ويلتزم بعبادة الله وحده، وفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، وهو سبحانه الإله الذي يطاع فلا يعصى؛ هيبة له وإجلالاً ومحبة وخوفاً ورجاء، ولا يصلح ذلك كله إلا لله عز وجل، وقائل هذه الكلمة العظيمة كأنما يقول: أنا عبد خاضع لله، ذليل له منكسر بين يديه، راضخ لحكمه، لا أعبد غيره، ولا أخالف أمره، ولا أرتكب نهيه، ولا أستكين وأذل لأحد سواه، ولا أخضع وأضعف أمام أحدٍ من الناس، ولا أتحاكم إلا إليه، وأنبذ جميع الشهوات والشبهات، وأرضخ لربي وحده، ولا يردني أحد عن التسليم له، واتباع أمره واجتناب نهيه، فمن أشرك مخلوقاً في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحاً في إخلاصه، وقدحاً في صدقه في قول لا إله إلا الله، ونقصاً في توحيده، وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك.

إخوة الإسلام: إن هذه الكلمة قصيرة المبنى عظيمة المعنى، يجب على المسلم أن يفهم معناها، ويعمل بمقتضاها ظاهراً وباطناً، ويستقيم عليها ويدعو إليها، ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين: {قولوا لا إله إلا الله} فهموا منها إفراد الله بالعبادة، وترك عبادة الأوثان، فامتنعوا من قولها وقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:٥].

فالعجب كل العجب أن يكون كفار قريش أعلم بمقتضى هذه الكلمة من بعض من ينتسبون إلى الإسلام اليوم، ممن يكررون هذه الكلمة ويلقونها بألسنتهم بدون وعي، فتجدهم يقعون في صرف بعض أنواع العبادة لغير الله، فما معنى لا إله إلا الله عند هؤلاء وما فائدتها؟!

إن هؤلاء وأمثالهم لا تنفعهم هذه الكلمة ولو قالوها ألف مرة ما داموا مصرين على ما يناقضها وينافيها من الإشراك بالله عز وجل.

أيها المسلمون: ومن مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: تحكيم شريعة الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والصوم، والحج، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفعل سائر الواجبات الشرعية والبعد عن جميع المحرمات القولية والعملية، فارتكاب المحرمات والمعاصي ينقص مقتضى هذه الكلمة، ويقلل من ثوابها وكل ذنب بحسبه.

فاتقوا الله عباد الله! واعرفوا معنى هذه الكلمة العظيمة، واعملوا بمقتضاها وحققوا شروطها، واحذروا موانعها ونواقضها ونواقصها.

اللهم اجعلنا ممن حققها وعلم معناها وعمل بمقتضاها، اللهم أحينا عليها وأمتنا عليها وأدخلنا بها الجنة وأعذنا بها من عذاب النار، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه فهو أهل التقوى وأهل المغفرة.